IMLebanon

صفقة سياسية مع إيران إستعداداً للحرب المقبلة

بات من الواضح أنّ تزاحمَ الملفات الإقليمية والدولية يفرض إيقاعاً سياسياً وأمنياً، يدرك كثيرون أنه قد يتوّج بمواجهات مفتوحة على احتمالاتٍ خطرة.

فالتطوّرات على جبهة الحرب المفتوحة على «الإرهاب» دخلت مرحلة متقدِّمة، في وقتٍ تكشف الأوساط العسكرية الأميركية أنّ الإستعدادات لبدء المعركة البرية ضدّ تنظيم «داعش» في العراق بلغت مراحلها الأخيرة.

وفيما تقترب المفاوضات النووية مع إيران من لحظة الإعلان عن مسودة «الإتفاق السياسي»، يكشف الرئيس الأميركي باراك أوباما أنّ الجانب التقني قد أُنجِز عملياً ويحتاج الى تأكيد طهران نيتها السياسية، في حين يعلن المرشد الإيراني علي خامنئي قبوله بإتفاق يضمن ما يمكن اعتباره «ماء الوجه» داخلياً.

يحدث كلّ ذلك فيما لوحةُ النزاعات والتعقيدات الإقليمية تتشابك، من اليمن الذي يعتبر البعض أنه دخل عملياً نفقاً من الإحتراب والتشظي قد لا يمكن تقدير مدته، مروراً بليبيا التي يشهد الوضع فيها جموداً على نارٍ حامية، وصولاً الى سوريا وجوارها.

تفسّر أوساط سياسية مراقبة ما يجري على الشكل الآتي:

في العراق، أمكن انتزاع موافقة الحكومة على بناء قوات الحرس الوطني الذي يتشكّل من العشائر السنّية، وقطعت جهود تسليحه وتدريبه شوطاً كبيراً، في وقت يكتمل إعداد الألوية التي ستخوض الحرب البرية ضدّ «داعش» من الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي وقوات البشمركة.

بات واضحاً أنّ غضَّ النظر الأميركي، لا بل التنسيق غير الرسمي القائم مع إيران، يأتي في سياق «الصفقة» السياسية المُحكى عنها أعلاه.

وفي هذا الإطار، تقول تلك الأوساط إنّ الوضع العراقي خرج عملياً من السيطرة الكلية التي كانت تمارسها طهران، لتنحسر شيئاً فشيئاً في الوسط «الشيعي»، بعد إبعاد الخطر عن الأكراد وانتزاع حصة السنّة في التركيبة المقبلة، مهما ستكون تسميتها، فيدرالية او كونفيدرالية.

النجاح في حماية الأكراد إنسحب ايضاً على تجمّعاتهم في سوريا، مع نجاح قوات الحماية الكردية وفصائل المعارضة السورية في دحر «داعش» من كوباني وريفها وتمدّدها نحو الحسكة شرقاً وحلب غرباً وصولاً الى تركيا.

تضيف تلك الأوساط انّ المرحلة المقبلة ستشهد شداً وجذباً متعدِّد الاتجاهات في وقت يعتقد البعض أنّ ثمن الإتفاق النووي قد حُصّل سلفاً، مع التمدّد غير المسبوق للأذرع الإيرانية المتوَّج أخيراً «بالاعلان الدستوري» في اليمن من الحوثيين.

وتوضح تلك الأوساط أنّ تصاعد الإنخراط الأردني في الحرب ضدّ «داعش»، من شأنه إضفاء بعد عربي عليها، سواء في شمال سوريا او جنوب دمشق وصولاً الى الجولان، الأمر الذي يفسّر تصعيد النظام في تلك المنطقتين.

وتؤكد مصادر أميركية أنّ بناء القوة التي ستتولّى محاربة «داعش» في سوريا، تسير وفق أجندة متكتمة لا يعرف عنها سوى الجدالات التي تحاول إضفاء أجواء من الشكوك، فيما الوضع على الارض يأخذ منحى آخر.

سوريا بهذا المعنى، متّجهة الى التمثل بالنموذج العراقي، مع بدء رسم لوحة «الدولة» السورية المقبلة. وهذا ما يفسر في جانب منه، الإصرار على حلّ سياسي في سوريا يأخذ في الإعتبار ما ستكون عليه لوحة الوضع الميداني.

وتؤكد الأوساط أنّ تخفيف اللهجة الأميركية ضدّ الرئيس السوري بشار الأسد وتحييد قواته، ترجمة أخرى للصفقة السياسية مع إيران، أقلّه في هذه المرحلة، في حين تبقى التصريحات المذكِّرة بعدم شرعيته للإضاءة على نوعية التركيبة المقبلة.

وتقلّل تلك الأوساط من أهمية ما يحدث من «مناكفات» إيرانية ـ إسرائيلية والتلويح بفتح جبهة الجولان، وتصفها بالفقاعات التي لن تقود الى أيّ مكان. فإفتتاح عمل مقاوم في الجولان لا يقوم به بضع مئات من «المرتزقة» بالمعنى السياسي والشعبي والإقليمي.

لا النظام السوري في وارد هذا الامر ولا المعارضة السورية كذلك، ناهيك عن عدم وجود حاضنة شعبية، خلافاً لتجربة المقاومة في لبنان.

وتلفت تلك الأوساط أخيراً الى أنّ المواقف الأخيرة لإيران و»حزب الله» كانت بالغة الوضوح في عدم الاستعداد للإنجرار نحو مواجهة مع إسرائيل، فيما عمليات المقاومة «التذكيرية» والموسمية لا تفسد في «الستاتيكو قضية».

بهذا المعنى يجري التعاطي مع القوى التي تقاتل الإرهاب على أنها «قوة استقرار» في هذه المرحلة. وهذا ينطبق على كثير من الحركات والتنظيمات التي يمكن التنسيق معها أو على الأقل «تركها تعمل».