IMLebanon

عجز سياسي متزايد  وقدرة أمنية متعاظمة

كلمة لبنان أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة بدت مثل نداء استغاثة، حيث لا مغيث. وعملية القبض على أمير داعش في مخيم عين الحلوة رفعت معنويات اللبنانيين. مشهدان في وقت متقارب. عجز سياسي متزايد، وقدرة أمنية متعاظمة. فليس من المألوف في الموسم السنوي للخطابة من فوق أعلى منبر دولي ان يناشد رئيس حكومة قادة العالم مساعدة بلده لانتخاب رئيس جمهورية. ولا أن يعترف طبعاً بأن المسألة ليست في أيدي اللبنانيين وحدهم. لكن الوضع اللبناني صار خارج أي مألوف وأية قواعد لادارة الأزمة، بحيث وجد الرئيس تمام سلام نفسه مضطراً لتجاوز المألوف من التقاليد السيادية والديبلوماسية.

ذلك ان الشغور الرئاسي يكمل غداً شهره الثامن والعشرين. ولا شيء يوحي ان المخرج من المأزق قريب، ان لم يتعمّق المأزق أكثر ويصبح أشدّ خطورة. لا على أيدي الداخل، ولا على أيدي الخارج. فالشلل يضرب المؤسسات ويهدّد بالوصول الى آخر العنقود في مجلس الوزراء. والبلد يبدو عاجزاً عن كل شيء باستثناء محاربة الارهاب، حيث الفضل للجيش والأجهزة الأمنية. لكن السؤال هو: الى أي حدّ يستطيع لبنان الجمع بين منظومة أمنية حارسة يقظة وعاملة وبين فلتان سياسي عاطل عن العمل إلاّ في الفساد وتأمين المصالح الخاصة؟ الى متى يبقى كل شيء مضبوطاً في واقع جيش بلا دولة؟ وماذا عن الحاجة في محاربة الارهاب الى سياسة تجفيف المستنقع بدل ملاحقة البعوض، وان تعاظم نجاح الجيش والأجهزة الأمنية في تفكيك الخلايا والشبكات الارهابية؟

الواضح ان القوى الاقليمية والدولية تساعدنا في الأمن ومحاربة الارهاب لأن لها مصلحة في ذلك تتقاطع مع مصلحتنا الوطنية. وليس من المتوقع ان تساعدنا في الملف الرئاسي، وان حاول بعضها وفشل، وأدرك البعض الآخر حدود اللعبة، وتولى الجميع دعوتنا يومياً الى أخذ الأمور بأيدينا في شأن لبناني، فالذين يدعون الى وقفة وجدانية يعرفون ان حسابات المصالح هي التي تتحكم بالموضوع الرئاسي، سواء لجهة الشغور أو لجهة الانتخاب. وحين يقول كثيرون بعد ٢٨ شهراً على الشغور الرئاسي وتنامي الفراغ الوطني ان ظروف الانتخاب لم تنضج بعد، فانهم يعترفون بأن لبنان يقترب من مرتبة ما دون الدولة الفاشلة، ويتصرفون في الوقت نفسه كأن انتخاب رئيس للجمهورية قضية القضايا في صراع المحاور الاقليمية والدولية.

والانطباع السائد بعد الخطابات واللقاءات ان حصيلة لبنان في الموسم الدولي كانت خيبة الأمل، وخصوصاً في موضوع النازحين. لكن السؤال – التحدّي أمام الجميع هو: ما العمل بعد خيبة الأمل؟