في الأوساط المسيحية وعلى مختلف توجهاتها، حديث عن «طلاق» سياسي مع المكونات الأخرى في الوطن ولا سيما مع «حزب الله»، ويأتي هذا الكلام نتيجة شعور المسيحيين بالغبن والاستهداف.
«القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب» يتحدثان كثيراً عن أنّ الوضع على ما هو عليه لا يمكن أن يستمر لجهة أنّ «حزب الله» يقرر مصير لبنان واللبنانيين ويربطه بتحرير فلسطين وبمشاريع إيران في المنطقة، وبالتالي تتعطل كل الاستحقاقات الدستورية وتأليف الحكومات إن لم تأت في هذا السياق الذي أدى إلى انهيار البلد، ولا يبدو في الأفق ما يشير بحسب «القوات» و»الكتائب» إلى أنّ «حزب الله» سيغيّر سياسته هذه والدليل على ذلك عرقلته للإنتخابات الرئاسية بانتظار أن يفرض رئيساً موالياً له.
وانطلاقاً من هذا الواقع الذي يهدد بالمزيد من الخراب، أصبح طرح مسألة «الطلاق» مسألة وقتٍ لا أكثر. إذ يبدو أنّ البيئة المسيحية أصبحت على قناعةٍ تامةٍ في شأنها انطلاقاً من أنّه من غير المقبول أن يدفع لبنانيون ثمن سياسات لا تمتّ إلى مصلحة لبنان واللبنانيين بصلة، وأنّه إن كان هناك من يرغب في أن يبقي لبنان بأكمله ساحة حربٍ وصراع ووطناً فقيراً ومنعزلاً، فالحلّ هو بترك الخيار لكل فئة من اللبنانيين لتختار طريقة العيش التي ترغب بها ومصير مساحة الأرض التي تعيش عليها والأهم أن تختار هي رسم مصيرها لا أن يقوم آخرون برسمه وفرضه.
يبقى «التيار الوطني الحر»، وهو أيضاً تحدث وألمح في مناسبات عديدة إلى «الطلاق» من خلال إثارة عدم التفاهم مع الشركاء السُنة والشيعة في الوطن، ولكن ما يميّز «التيار» عن «القوات» و»الكتائب» أنه يعترض فقط على ممارساتٍ آنيةٍ لدى المكوّنات المسلمة تحرمه من بعض المصالح الخاصة، ولكنّه لا يعترض مثلاً على المشروع السياسي لـ»حزب الله» لا بل على العكس فهو كان من أشد المؤيّدين له وغير المعترض على مساره وأهدافه وعلى ما وصل إليه لبنان جراء ذلك. وعلى هذا الأساس يمكن لـ»التيار الوطني الحر» أن يتراجع عن فكرة «الطلاق» في حال لبّت الأطراف المسلمة ولا سيما «حزب الله» ما يطالب به هذا «التيار» من مناصب ومصالح وفي مقدمها رئاسة الجمهورية.
من الواضح أنّ هناك من يدفع المسيحيين نحو خيار «الطلاق»، فإنّ كان الأمر مقصوداً فمن المستحسن أن يتم اختصار الوقت وتخفيف الأضرار الجانبية والمسارعة إلى عقد مؤتمر يخلص إلى الاتفاق على صيغة «الطلاق»، وإن كان الأمر عن جهلٍ وعن محاولة فرض أمرٍ واقعٍ فمن المؤكد أن ذلك سيؤدي إلى انهيارٍ وانفجارٍ لن يوفّر أحداً.