في الوقت الذي يبدو فيه جلياً أن الساحة المحلية قد باتت محكومة بالهاجس الصحي مع تزايد تفشي فيروس «كورونا» بشكل دراماتيكي، قرأت أوساط نيابية في كتلة بارزة في التصعيد السياسي المبرمج، إنذاراً لكل القوى بأن مرحلة تصريف الأعمال الحكومية مستمرة، فيما تأليف الحكومة معلّق على أكثر من عامل خارجي وإقليمي، وذلك خلافاً لما يجري الحديث عنه لجهة الإرتباط بالتعقيدات التي تشوب العلاقة ما بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري.
وإزاء هذا الواقع، فقد كشفت الأوساط عن حركة اتصالات ومشاورات تجري بين بعض الفاعليات السياسية والحزبية من أجل بحث إمكان التوصل إلى ما يشبه الموقف الموحّد من هذه القوى، لكي يتم الإعداد لحراك سياسي في وقت الفراغ اللافت على مستوى الإستحقاق الحكومي بشكل خاص، قبل الإنتقال إلى تحديد ثوابت ومنطلقات معالجة الأزمة المالية تمهيداً لتوفير خارطة الطريق التي باتت ملحّة من أجل مواجهة الأزمة الإجتماعية الخطيرة التي يعاني منها كل اللبنانيين في اللحظة الراهنة.
لكن الأوساط نفسها، تستدرك موضحة بأن مثل هذا الفريق أو التجمّع السياسي لن يكون جبهة سياسية في مواجهة فريق سياسي معين، كما أنه لن يؤدي إلى خلق اصطفافات جديدة تعيد التذكير بفريقي 8 و14 آذار، بل سيشكّل في الواقع نواة تجمّع وطني يعيد هيكلية العلاقات بين غالبية القوى التي ترفض البقاء مكتوفة الأيدي والإكتفاء بمراقبة عملية الإنهيار السريع على كل المستويات، وتحديداً على المستوى الصحي اليوم. وقالت هذه الأوساط النيابية، أن الوضع العام اليوم، في حال من الإستنفار الصحي، ويستدعي استنفاراً سياسياً لمواكبة الوضع الكارثي، بعدما تجاوزت نِسَب الإصابات وحالات الوفاة في لبنان المستويات العالمية الأسوأ على الإطلاق.
وبالتالي، فإن الإتصالات الجارية في الكواليس السياسية والحزبية تركّز على هذا الواقع، إلى جانب الحديث عن أهمية إنقاذ الوضع السياسي من خلال تسريع العمل لتشكيل حكومة جديدة، والقيام بتحرّكات باتجاه حشد الدعم الواسع لهذه العملية من خلال توسيع رقعة العاملين على هذا الخط لكي تشمل أكثر من فريق محلي في المرحلة المقبلة.
وحرصت الأوساط عينها، على الإشارة إلى أن المجتمع الدولي اليوم منشغل بالتطورات الأميركية، وبعملية الإنتقال بين الإدارتين السابقة والجديدة، كما أن المبادرة الفرنسية لم تعد قابلة للتنفيذ على أثر التصعيد السياسي الذي سُجّل خلال الأسبوع الماضي، وانطلاقاً من هذا المشهد، فإن بقاء القيادات السياسية من دون أي مبادرة ينتظرها اللبنانيون من أجل الخروج من النفق الأسود لم يعد مقبولاً، وهو ما توصّلت إليه هذه القوى من خلاصات مفادها أن المجتمع الدولي لم يعد يدرج لبنان على جدول أولوياته، ولذلك، فإن البقاء في دائرة التعطيل والمراوحة سيؤدي إلى المزيد من الإنزلاقات نحو الهاوية، وهو ما بدأت تستشعره كل الأطراف السياسية، باستثناء تلك التي تعتبر أن الإنهيار سوف يكون لصالحها.