IMLebanon

سياسيون بالتوريث أو التفقيس  وبألوان صيصان عيد الفصح !

السياسة فعل ورد فعل في أوقات السلم، وتزداد الحاجة الى الفعل في زمن الحرب، داخل الحدود وخارجها. ولبنان المتعدد لم يكن يوماً موحداً بين قواه السياسية حول قضاياه المفصلية، وحتى الفرعية. وفي الزمن الغابر منذ الاستقلال وبعده، كان بين القادة السياسيين من يعمل برؤية وحنكة ومرونة، وعندما تنشب أزمات صعبة كانوا يجدون غالباً الطريق لعقد تسويات ومصالحات تساعد على مواجهة الأخطار، أو تجنبها. غاب كبار ذلك الجيل ولم يبق منهم الا القليل اليوم، وعدد أقل من الأجيال التي تلت وتبعت طريق الرؤية والحكمة واللين والتراحم. وغالبية من السياسيين اليوم هم من جيل احترف السياسة اما بالتوريث واما بالتفقيس الاصطناعي، وهم من مختلف الألوان مثل صيصان عيد الفصح!

ليس بين المكونات السياسية اللبنانية من يمكن الشك بصدق وطنيته، ولكن عمى القلوب أشد هولاً من عمى الأبصار! وعلى الرغم من هول الأخطار التي تحيط بلبنان، فإن غالبية من السياسيين وقادتهم، لا ترى في المشهد العام – اذا رأت شيئاً! – سوى مصالحها الآنية، الفردية أو الفئوية. وعندما يصبح القياس على هذه القاعدة الخنفشارية، فسيكون من الصعب التوليف في ما بينها، وجمعها على حد أدنى من القواسم المشتركة! ولهذا السبب يغيب التوافق، لأن كل طرف يعرض مطالبه الخاصة به على كشة معلقة في رقبته، ولا يذهب الى السوق ليتبضع ويبيع ويشتري وفق لائحة الأسعار المعلنة، أو حتى على قاعدة العرض والطلب!

لا نرى اليوم الا رجلاً واحداً تقريباً، يحمل لبنان على ظهره بكل تناقضاته وأزماته ومماحكات طبقته السياسية، ويرفض بعناد انزالها الا بعد ايصالها الى ملاذ آمن! وهذا هو شأن الرئيس بري اليوم، يمارس رياضة الفعل، من بعد صلاة الفجر والى وقت الامساك بعد السحور ويقدم المبادرات تباعاً على أساس وفاق وطني، ويأتيه رد الفعل من خلال عروض شخصية أو فئوية، أو حتى لمجرد الاستعراض والتذاكي لا أكثر ولا أقل – بالاذن من الزعيم جنبلاط! ولعل عرض السلة المتكاملة هو آخر العروض الواقعية والعملية الممكنة! وبعد ذلك فقد يضطر كل واحد الى قلع شوكه بيديه، وترك لبنان الى رحمة الأقدار!