IMLebanon

النكتة السياسية سلاح المُنتفضين

 

لوحظ منذ بداية الحَراك الشعبي إطلاق النكتة السياسية بكثرة، وأنها تتوالد بجميع اشكالها: كتابة وصورة وكاريكاتيراً وتسجيلاً صوتياً وفيديو، وتتناول الأشخاص والمواضيع كافة، وتتنوع بين النكتة الجارحة والنكتة الهادفة، وهذا بديهي في بلد تتحول فيه الفضيحة والمأساة الى نكتة.

 

تُعدّ النكتة السياسية نتاجا اجتماعيا ثقافيا سياسياً، وهي «تقنية شعبية» يستعملها الناس للتعبير عن معاناتهم واحتياجاتهم وآلامهم، وأحلامهم وطموحاتهم وآرائهم.

 

وبرغم أن النكات تهدف في الغالب إلى الضحك والترفيه، إلا أن هناك نكاتاً تمزج الشأن السياسي بالاجتماعي أو الديني، وبهذا تتعدى مهمتها في الإضحاك إلى كونها وسيلة التعبير الشعبية الأكثر حرية وديمقراطية، والمتنفس الذي يُعبّر فيه الأفراد عن مكنوناتهم الداخلية، والمجسّ والمؤشر لنبض الشارع في مجالات ذات صلة بالأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

 

كذلك تُستعمل النكتة السياسية ضمن «حروب الزكزكة» والشائعات بين الأفرقاء المتصارعين، وتنحو إلى التشويه والقدح والذم، وعادة ما تتصف بالذكاء اللمّاح.

 

وتحمل النكتة السياسية في مضامينها نقداً وتعبيراً عن أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية تعكس مكنونات الأفراد الداخلية التي لا يتمكنون من التعبير عنها علناً، ولذا باتت النكت السياسية، في بعض البلدان، علما يدرّس وله أبحاث دقيقة تقيس نبض الشارع، وتخرج بالنتائج والتوصيات تبعا لذلك.

 

إن زخم الأحداث وتكاثر الأزمات كلها عوامل تولد في المجتمع بيئة خصبة للنكات الساخرة. وتنتشر النكات تبعاً لموجات صعود وهبوط ذات صلة بمواسم مرتبطة بالحرية والانفتاح السياسي من جهة، أو الكبت والتضييق من جهة أخرى.

 

وتلعب وسائل الاتصال الحديثة دوراً مباشراً في سهولة انتقال المعلومة بشكل عام، ولهذا استخدمت التكنولوجيا كوسيلة فعّالة لتبادل النكات بين الأفراد، ذلك أن وسائل الاتصال الحديثة (خاصة الخلوي والانترنت) سهّلت تناقل النكات.

 

يبقى أن سياسيي لبنان، بحكم تركيبتهم وتصرفاتهم، وأقوالهم وأفعالهم، يُساهمون في رفد فيض النكات السياسية ودفقها، وهم لولبها والمصدر الأساس لها، وهم حديث الناس ومصدر تندرهم و«فشّ خلقهم» وثورتهم عليهم.