IMLebanon

استحضار “التوريث والعائلات” هل يخدم “حزب الله”؟

 

 

ليس كلّ ابن عائلة سياسية يُفتَرض أن يكون منبوذاً في السياسة. وليس كلّ مَن لا ينتمي إلى عائلة سياسية يُفتَرض أن يكون صالحاً للعمل السياسي.

 

في لبنان، كما هناك ازدواجية «معايير»، هناك ازدواجية «تعريفات»، بحيث يختلط حابل المعايير بنابل التعريفات، فيلتبس الأمر على الجميع، وندخل في شعبوية تتسبّب بعدم فهم أيّ شيء.

 

بدايةً، ما هو تعريف العائلة السياسية؟ واستطراداً، هل إذا كان أحد أبناء إحدى العائلات يعمل في السياسة، تُصبح عائلته عائلة سياسية؟ وما هو نوع العمل في السياسة؟ هل هو نيابة أو وزارة أو رئاسة أو انخراط في حزب أو حركة أو تيار؟ إذا كان هذا هو التعريف فإن معظم اللبنانيين ممن أتمّوا الثامنة عشرة من عمرهم، هُم أبناء عائلات سياسية. في هذه الحال، إذا كان البعض يريد أن ينبذ «أبناء العائلات السياسية» فهذا يعني أنه ينبذ معظم اللبنانيين ممن أتمّوا الثامنة عشرة من عمرهم، إذًا، هل الحلّ بأن «نستورد» أشخاصاً لنرشّحهم للإنتخابات النيابية؟

 

ثم إذا كان أحدهم ابنَ عائلة سياسية، فهل نحرمه من حقوقه المدنية والسياسية بمجرّد أنه ابن سياسي؟ أليس هذا الأمر تفريقاً عنصرياً؟

 

لماذا لا يكون المعيار غير ذلك؟ لماذا لا تُعتَمَد المعايير القانونية أو «أهلية» الشخص بصرف النظر عمَّن يكون؟ وابن أي عائلة؟ وكما يُقال «البلد زغير والناس بيعرفوا بعضن»، فلماذا تعقيد الأمور؟

 

أليس في القانون ما يُسمَّى «أهلية الترشيح»؟ لنعتمد ما كان يقوله البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، حين كان يتحدث عن أشخاص «لا يخجل حاضرُهم من ماضيهم» أو كما يقول الشاعر:»لا تقل أصلي وفصلي أبداً…إنّما أصل الفتى ما قد حصل».

 

تأسيساً على كل ما تقدَّم، فإن معركة «شيطنة» العائلات السياسية على قاعدة «كلُّن يعني كلُّن»، هي معركة خاسرة بكلّ المقاييس.

 

لكن، في المقابل، يُفترض بأبناء «العائلات السياسية» أن يُثبتوا أهليتهم للعمل السياسي، فلا يكون التوريث هو المعيار الوحيد، فالسياسة ليست شركة خاصة «يورثها الآباء للأبناء»، وفي النهاية سيحكم الناس على الوريث، فإما يُسقطونه وإما يرفعونه.

 

في السياسة، الناس هُم الذين يصنعون أو لا يصنعون «التوريث السياسي»، فحين يتقبَّلون الشخص، فهذا يعني أنهم هُم المسؤولون عن وصوله، وإذا امتنعوا عن تقبّله يسقط حكماً.

 

هناك توريث سقط من تلقاء نفسه، حصل ذلك مع أبناء رؤساء جمهوريات، حكموا، من الطائف وحتى اليوم. وهناك توريث نجح وهو مستمرّ من الجدّ إلى الابن فالحفيد، وهناك أمثلة أكثر من أن تُحصى.

 

ولهذا فإن «شيطنة التوريث» على قاعدة: «كلن يعني كلن»، تفتح شهية الذين يريدون ضرب مَن لا يوافقهم في السياسة فينتقلون من تهمة «الخيانة والعمالة» إلى تهمة «التوريث».

 

وللحديث صلة…