IMLebanon

جمهورية القبائل السياسية اللبنانية: السياسة في خدمة الفساد!

على الرغم من أن لبنان يحاول تقليديا اعطاء صورة له في الخارج على انه بلد يعتمد ديموقراطية برلمانية مع دستور يحفظ الحريات العامة وحقوق الانسان والتعايش الوطني ضمن التنوّع، والانفتاح على الحضارة الانسانية، غير أن الممارسة السياسية عكست الصورة في العديد من المواقع. ومنذ الاستقلال والى اليوم أخذت صورة لبنان في الداخل والخارج تبهت تدريجيا سنة بعد سنة، وعهدا بعد عهد. وبلغ هذا الانحدار ذروته مع الحرب الداخلية الملعونة التي استمرت نحو عقد وبعض العقد، من العام ١٩٧٥ والى العام ١٩٨٩ تاريخ مؤتمر المصالحة في الطائف في السعودية.

***

تاريخ الأمم والأوطان هو حركة صعود وهبوط مستمرة. وكان يفترض بالدستور المنبثق عن مصالحة الطائف أن يمثل الحراك نحو النهوض من تحت ركام الحرب. وما حدث هو أن سوء الممارسة السياسية أفسد هذه الفرصة التاريخية، كما أفسد من قبل مرحلة الخروج من الانتداب الى الاستقلال. وما تراكم من مثالب في عهد الاستقلال تضاعف أثره بعد دستور الطائف. وبدلا من أن يقود هذا الدستور الى ولادة الجمهورية الثانية، قاد عمليا الى ما هو أدهى مما كان عليه قبل الحرب، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وغير ذلك…

***

السياسة هي علم ادارة المجتمع، وتطويره وتقديم أفضل الخدمات له في مجالات الحياة كافة. والممارسة السياسية الخاطئة قادت الى قلب المعادلة رأسا على عقب، فأصبح المجتمع بكل مكوناته في خدمة السياسة وأهل السياسة. وكل السيئات ازدادت تورّما وحدّة، وكل الحسنات أخذت بالتضاؤل الى درجة التلاشي والتبخّر. وبدلا من الانتقال الى الدولة المدنية ومجتمع المواطنة والتساوي في الحقوق والواجبات، انتقل لبنان الى دولة الفساد التي يستخدم سياسيوها دون تعميم كل أنواع الأسلحة لتدجين المجتمع من جهة، وإحكام القبضة على الرقاب من جهة أخرى. وأخطر سلاح استخدمه السياسيون هو اشعال العصبيات، وبخاصة الطائفية والمذهبية. وهكذا تحوّل لبنان الى جمهورية قبائل سياسية تستخدم السياسة في خدمة الفساد والمصالح الفردية الزعامية والمنافع الطائفية والمذهبية للأنصار والمحاسيب حصرا!

***

من المفترض أن عهد الرئيس العماد ميشال عون هو مرحلة صعود ونهوض بعد انحدار ما بعد الحرب وما بعد الطائف… والناس تنتظر!