الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا يلعب دور بائع الأحلام. وسط أخطر الكوابيس في سوريا. وهذا من طبائع الأمور في مهمة الوسيط. ولا فرق سواء كان يؤمن بأن الظروف بدأت تنضج تحت المظلة الروسية – الأميركية لتحقيق الأحلام أو كان يتكل على الزمن وتعب الأطراف من القتال. فهو يرى أن الجولة الجديدة من محادثات جنيف-٣ يجب أن تقود الى بداية حقيقية لانتقال سياسي. ويراهن على ما سمعه في موسكو من وزير الخارجية سيرغي لافروف وما يتمنى أن يسمعه في دمشق وطهران. لكنه يعرف أن تعبير الانتقال السياسي الذي يتمسك به المعارضون وداعموهم ثقيل على الآذان في دمشق وطهران.
ذلك أن أجوبة النظام عن الأسئلة ال ٢٩ التي وجهها دي ميستورا الى وفدي النظام والمعارضة والمتعلقة بجوهر التسوية لا تزال في اطار الشكل الاجرائي والمبادئ العمومية. والدعم الذي تقدمه موسكو مصحوب بمطلب لا يزال تحقيقه صعباً، وهو ان تصبح المفاوضات شاملة ومباشرة كما قال لافروف. شاملة بمعنى أن وفد المعارضة يجب أن يتوسع ليشمل معارضين من اجتماعي موسكو والقاهرة وممثلين للكرد وبشكل خاص لحزب الاتحاد الديمقراطي بزعامة صالح مسلم الذي تعترض عليه تركيا وتسايرها أميركا ودول عدة. ومباشرة لجهة الانتقال الى ما رفضه النظام حتى الآن، وهو التفاوض وجهاً لوجه بدل اجراء محادثات غير مباشرة.
وأم العقد في الانتقال السياسي هي مصير الرئيس بشار الأسد. فلا مجال بالنسبة الى دمشق، لأي نقاش في مقام الرئاسة الذي هو خط أحمر. ولا جدوى من المحادثات، حسب المعارضة، ان لم يكن البحث في مصير الأسد هو الأساس. واذا كانت روسيا ومعها ايران ودول أخرى تتمسك منذ البدء بالقول ان مصير الأسد ينبغي أن يقرره الشعب السوري فان أميركا ومعها أوروبا ودول عدة في المنطقة ترى انه لا تسوية سياسية ولا نهاية للحرب ولا نجاح كاملاً في محاربة الارهاب إن بقي الأسد.
والفارق بين الموقفين ليس فقط الرحيل أو عدم الرحيل بل أيضاً ما يدعم كل موقف. موسكو تدعم موقفها عسكرياً في المعركة وديبلوماسياً في الأمم المتحدة وسياسياً في النقاشات مع واشنطن، وبالتالي فان الأسد ممسك بالسلطة من موقعه مهما طال زمن التفاوض وليس في حاجة عملياً الى تسوية. وأميركا تطالب برحيل الأسد من دون ان تضع أية أوراق قوة على الطاولة، وهي تقترب شيئاً فشيئاً من الموقف الروسي، وبالتالي فانها تبيع المعارضين كلاماً في الهواء وأحلاماً تحتاج الى تسوية، وإلاّ ظلّ الوضع على حاله.
والتلاعب السياسي يكمل اللعبة العسكرية.