IMLebanon

حراك سياسي للجم الإنهيار والفلتان في الشارع

 

إذا كان ما شهدته الساحة الداخلية من أحداث تنذر بعواقب وخيمة على كل المستويات، فإن المقاربة لم تكن على قدر حجم الإستحقاق الذي تواجهه هذه الساحة، وتتظهّر أولى علاماته من خلال زعزعة الإستقرار المعيشي والأمني، حيث يؤكد وزير سابق أن المنحى الذي سلكته المواقف السياسية، وخصوصاً الرسمية منها وتحديداً الحكومية، يبدو أكثر خطورة من كل ما حصل في الشارع في السادس من الجاري، وذلك في ضوء الرسالة الواضحة التي وصلت إلى الداخل والخارج، ومفادها بأن الهوّة ما بين الشارع والسلطة تتّسع يوماً بعد يوم، خصوصاً وأن حركة الإتصالات السياسية التي نشطت في الأيام القليلة الماضية لم تتطرّق سوى إلى ملف التعيينات من أجل إنتاج توافق مسبق حولها، ولو أن هذا الأمر أتى على حساب بحث عناوين مصيرية أبرزها الإنهيار الكبير لسعر الليرة منذ مطلع الأسبوع أولاً، والتضامن الحكومي ثانياً.

 

ولم يستبعد الوزير السابق، أن تتكرّر تجربة حكومة الرئيس سعد الحريري التي استقالت على وقع الإحتجاجات في الشارع، والتي تجدّدت في أكثر من منطقة، وتزامنت مع حملات عنيفة من قوى سياسية عدة مشاركة في الحكومة ومعارضة لها. لكنه يوضح بأن ضغط الشارع هذه المرة تراجع عن مرحلة 17 تشرين الماضي، لأن الحراك الشعبي تعرّض لانتكاسة في 6 حزيران، وانقسم إلى مجموعات مختلفة في ما بينها، وبالتالي، تبدّل ميزان القوى بالنسبة للمواجهة ما بين السلطة والمتظاهرين في كل المناطق وليس فقط في بيروت.

 

وعليه، فإن الحكومة تواجه ضغطاً من نوع جديد هذه المرة، بحسب الوزير السابق نفسه، وهو ضغط الأطراف السياسية والحزبية المعارضة، والتي انخرطت في دينامية جديدة وفق جدول أولويات تبدأ بإطلاق مبادرة على أعلى المستويات من أجل تحصين البلاد في مواجهة التحديات والأزمات التي يجتازها، وبعضها مرشّح للتصاعد مع تزايد ضغط العقوبات الأميركية على سوريا ولبنان. ومن أبرز ما تتضمنه هذه المبادرة، هو التعاون بين كل الأطراف السياسية، ولا سيما غير المشاركة في الحكومة، وتحديداً بين الكتل النيابية البارزة، من أجل تنظيم الخلاف في ما بينها، وتدوير الزوايا، واستبعاد أي عنوان خلافي، والعمل على مواكبة التحديات في المرحلة المقبلة من خلال إرساء ما يشبه الجبهة الوطنية القادرة على التحرك سياسياً من أجل معالجة أي طارئ في المشهد العام، وتحديداً في الشارع، مع تنامي الهواجس المعيشية ومن دون أن تبرز في الأفق أية معالجات جذرية لجهة الخطة الإنقاذية الموعودة.

 

ويكشف الوزير السابق نفسه، أن الفرصة المحدودة التي استعادتها الحكومة بعد سقوط تهديد الشارع لها لن تطول، لأن الإحتقان الذي انفجر مساء السبت الماضي قد جرى تطويقه، ولكنه ما زال في الأجواء، وكذلك زخم المتظاهرين الذين رفضوا الإنجرار إلى المواجهات، وإلى الإحتكاكات الطائفية التي تضع لبنان في مكان خطر.

 

ومن هنا، فإن التحرك السياسي الجاري، يهدف إلى التلاقي وطنياً وتحصين الساحة الداخلية، ولكن الأزمة المالية، كما يرى الوزير السابق نفسه، تستدعي التفكير في كيفية تجنّب الإنهيار الشامل، وهو ما يتطلّب تضافر جهود الحكومة ومجلس النواب، تمهيداً لتطبيق إجراءات عملية وفاعلة، منعاً لتفاقم الأمور وتدحرجها نحو مزيد من المعاناة الإجتماعية والفلتان في الشارع.