IMLebanon

وحزم سياسي في كمب ديفيد

حرصت واشنطن والرياض على استنقاذ صورة القمة الأميركية – الخليجية في كمب ديفيد، بسبب قرار الملك سلمان إنابة ولي العهد الأمير محمد بن نايف وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حضورها بدلاً منه، ففي وقت واحد تقريباً جاءت التوضيحات من وزير الخارجية عادل الجبير ومن مستشار الرئيس الاميركي بن رودس.

بن رودس أعلن ان اوباما بادر الى الاتصال هاتفياً بالملك سلمان وتباحثا في القمة وقلل أبعاد قرار عدم تلبيته دعوة اوباما، أما جوش ارنست المتحدث باسم البيت الأبيض فقال ان الرياض لم تعبّر عن بواعث قلق من جدول أعمال القمة وان واشنطن واثقة من ان المسؤولين السعوديين الذين يحضرون قادرون على تمثيل بلدهم وتنفيذ أي قرارات تتخذ.

الجبير قال إن بين السعودية واميركا علاقات إستراتيجية منذ عام ١٩٤٥ وتزداد قوة ومتانة وليس لدينا شك في التزام اميركا أمن المملكة، وان الطرفين ينظران الى افضل ما يمكن ان يقوما به لمواجهة النشاطات السلبية الإيرانية في الشرق الأوسط، “وما يجب ان نقوم به في كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن”.

لكن الكلام الديبلوماسي شيء وواقع عدم ذهاب سلمان الى كمب ديفيد شيء آخر، وخصوصاً في ظل الأنباء التي تحدثت عن صدمة في الإدارة الاميركية لفقدان اوباما رمزية الحضور التي راهن عليها الديموقراطيون الذين يحشدون لمعركة الرئاسة سنة ٢٠١٦، في حين اعتبر الجمهوريون الأمر نقطة في مصلحتهم!

طبعاً الكلام الديبلوماسي ضروري، لكنه لا يلغي مثلاً دلالات تصريح السيناتور جون ماكين الذي يقول ان دول الخليج تشعر بالخديعة وباتت مع اوباما تشعر بأنها لا تجد سنداً في الإدارة الأميركية، ولهذا يبدو ان امام اوباما جبلاً مرتفعاً جداً من الشكوك عليه ان يزيله.

ويرى ماكين أن أفضل دليل على المرارة العميقة التي سببها تفاوض اميركا مع ايران سراً لمدة ثلاثة اعوام في عُمان من دون إبلاغ حلفائها الخليجيين الذين يَشكون من العربدة الإيرانية في المنطقة، ان السعودية تعمّدت ان تبلغ قائد القوات المركزية الأميركية الجنرال لويد اوستن قبل ساعة واحدة من البدء بـ”عاصفة الحزم”، خصوصاً ان واشنطن كانت قد سحبت سفارتها من صنعاء بعد الإنقلاب الحوثي الذي حركته طهران ولم تدلِ بتعليق واحد!

العتب والمرارة عندالسعودية والخليجيين من اميركا لن يتحوّل خصومة طبعاً، ولن ترتفع اصوات خليجية تحذّر من “الشيطان الأكبر” او شعارات تقول “الموت لأميركا” على الطريقة الإيرانية المعروفة التي ربما يستسيغها اوباما، ولكن امتناع سلمان عن الذهاب الى كمب ديفيد عاصفة حزم سياسية واضحة وصريحة هدفها مواجهة انقلاب اوباما على تاريخ من علاقات التحالف الحارة بين اميركا ودول الخليج وسيكون لهذه العاصفة أثرها حتماً.