IMLebanon

أوراق سياسية تكشف قصة التمديد والتجديد والأزمات الانتخابية الماضية

جمهورية تغرق في بحار الأمطار والمياه والفضائح الغذائية

وتواجه للمرة الأولى قضية المحكمة الدولية والاغتيالات

غرقت الجمهورية في فضائح الفساد.

مائة وخمسة وسبعون يوماً، وهي من دون رئيس للجمهورية.

اسبوع كامل يمر على فضيحة الفساد الغذائي.

ووزير الصحة وائل أبو فاعور يستعد لفتح ملفات جديدة، بعدما قرر فتح ملف المياه.

الا ان الفضيحة الكبرى، ظهرت بعد ظهر السبت. صباحاً أشرقت الشمس، وبدت البلاد وكأنها تودع أسبوعاً مشمساً، لتستقبل بعد الظهر فضائح جديدة.

ومساء هطلت الأمطار بغزارة، وتحولت الطرقات الى برك مياه. وظلت الأمطار تتهاوى بكثافة على الناس والعباد، وعلى الطرقات في لبنان كله، من الشمال الى الجنوب، ومن الجبل الى البقاع. وتساءل الناس عما اذا كان لبنان في جمهورية الأمطار، أم انه في جمهورية الشغور والفراغ.

انتهى الاسبوع على فواجع سياسية، وكوارث ادارية. المجلس النيابي الذي مدد لنفسه، يواجه خطر الطعن أمام المجلس الدستوري، والنواب الطاعنون بالتمديد يهمهم قرار المجلس لا انعقاده واكتمال النصاب استناداً الى أن الطعن السابق في التمديد الأول، مات لأن اكتمال الحضور بين أعضاء المجلس لم يكتمل سابقاً.

أسبوع خطير ينقضي، وتطورات أكثر خطورة تجثم على الأبواب، أبرزها بدء المحكمة الدولية اليوم في النظر سياسياًَ، في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، واستعداد وزير سابق، ونائب حالي، كانت محاولة اغتياله فاتحة الاغتيالات السياسية في البلاد.

هل يذهب الوزير والنائب مروان حمادة الى لاهاي، أو يفضح من بيروت القصة المثيرة للجدل، ويروي ما يقال أو ما لا يقال، عن علاقة النظام السوري، في مسلسل الاغتيالات السياسية، ولبنان يواجه بعد ايام قصة اغتيال وزير الصناعة الرحل النائب الشيخ بيار أمين الجميل، صاحب شعار بتحب لبنان حب صناعته.

يقول مرجع سياسي، إن الجمهورية باقية في جحيم الشغور، الى أن يهبط اتفاق دولي – اقليمي – داخلي، في صفقة رئاسية على الجميع في الداخل والخارج.

ويضيف: من الآن وصاعداً يجب أن يفكر المعنيون ب المجهول الذي سيصير معلوماً، أنه هو الذي سيرئس الجمهورية على مدى ست سنوات.

عندما سئل المرجع عمن يعني بقوله؟

رد: ثمة أربعة كبار يحتلون المقاعد الأمامية، وبعدهم يأتي آخرون… ويأتي في نهاية التصفية المجهول الذي يتم تحضيره للوقت المناسب.

سألوه ثانية: من هم الأربعة الكبار؟

وأجاب: اثنان من ٨ آذار هما الرئيس العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجيه، واثنان من ١٤ آذار الرئيس الشيخ امين الجميل والوزير الشيخ بطرس حرب.

وعندما قيل له: ومن هم الآخرون؟

أجاب: الوزير والنائب السابق جان عبيد، النائب روبير غانم، السفير اللبناني في الفاتيكان جورج خوري، حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة، وقائد الجيش العماد جان قهوجي.

وأردف المرجع: حتى الآن يبدو أن لا رئيس سوى العماد ميشال عون.

وقيل له أيضاً: الا ان العماد عون يقود معركة الطعن في التمديد لمجلس النواب. والتمديد أدى الى خلط أوراق الحلفاء والاصدقاء والأضداد والأخصام، لأنه جمع تيار المستقبل والمسيحيين المستقلين في ١٤ آذار وحزب القوات اللبنانية وحزب الله وحركة أمل بزعامة الرئيس نبيه بري، في حين بقي التكتل الوطني الحر بزعامة ميشال عون وحزب الكتائب برئاسة الشيخ أمين الجميل ضد التمديد، ولكل منهما رأيه الخاص.

كان نائب بارز يصغي الى هذا الحوار، فقال للجميع إن عنصراً أساسياً تهملونه، وهو أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أوفد الي الرابية، عقب طعن العماد عون بقرار المجلس التمديد لنفسه، مستشاره الخاص السيد حسين الخليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق ليبلغه تحيات الأمين العام الى سيد الرابية، ويؤكد له تقديره لكل حرف من حروف مواقف الجنرال الأخيرة، والتي قال فيها إننا انتقلنا من مرحلة التفاهم مع حزب الله الى التكامل الوجودي.

ونقل الخليل للعماد عون: دع الوفاء جانباً يا جنرال، نحن، وبغض النظر عن قناعتنا، فأنت ما زلت الأكثر مقبولية لتتبوأ موقع رئاسة الجمهورية.

ويعقل الدكتور حسين كنعان النائب السابق لحاكم مصرف لبنان أن هذه الرسالة تحمل في طياتها ألف حساب وحساب.

الا ان الوزير والنائب السابق الدكتور ألبير منصور يرى أن مصلحة لبنان تقضي بأن يتم الاتفاق على العماد عون لرئاسة الجمهورية، وعلى الرئيس سعد الحريري لرئاسة مجلس الوزراء، والاثنان مع الرئيس نبيه بري يستطيعون أن يشكلوا سيبة السلام للبنان.

ويرى الدكتور منصور أن لكل مرحلة مرشحها، ولكل من الأسماء المذكورة دورها ومبرر اختيارها، واذا ما أمعنا النظر في الأحداث، وبرز احتمال صفقة رئاسية فان لكل من الأسماء حظوظها.

ويعتقد وزير بارز في الحكومة ان الاتفاق على الاتيان ب رئيس توافقي، فيبدو الاستاذ جان عبيد في المقدمة، وهو المعروف بعلاقاته الواسعة مع الرئيس نبيه بري، وبالأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي وبصلاته الوثيقة بأركان تيار المستقبل وبالرئيس سعد الحريري. وفي رأي الوزير أن المرحلة المقبلة تتطلب رئيساً يتمتع بالذكاء والمرونة، والقدرة على استيعاب أزمة مليون وربع مليون نازح سوري يقيمون في لبنان، طبعاً، من دون أن ننسى دور الاستاذ وليد جنبلاط الذي يرشح النائب هنري حلو للرئاسة، والذي تربطه صداقة هي أقرب الى التحالف مع رئيس مجلس النواب، من مجرد علاقات عابرة.

ويقول النائب في تكتل المستقبل الدكتور عمار حوري ان الاستاذ جان عبيد هو من أفضل الأسماء المطروحة للرئاسة الأولى، وسبق له أن تمرس بمنصب وزير الخارجية وأقام علائق عربية ودولية، تؤهله ليحتل الموقع الأول في جمهورية تبحث عن قائد، لا عن مجرد شخص عادي.

القضايا السابقة

في خلال العام ١٩٤٨، برزت التباينات السياسية في المواقف العامة، خصوصاً في موضوع النقد اللبناني وكان بطل اتفاقية النقد وزير الخارجية الاستاذ حميد فرنجيه الذي رأس الوفد اللبناني الى فرنسا، وقبل رئيس الوزراء رياض الصلح أن يكون في عداد وفد برئاسة وزير الخارجية.

وبعد بضعة أشهر، أعيد بحث الموضوع، فانقسم الرأي العام اللبناني الى قسمين أحدهما مؤيد لعقد اتفاق بين الحكومة اللبنانية والحكومة الفرنسية.

في التاسع عشر من أيلول، أجرت الحكومة انتخاباً لملء مقعدين نيابيين شغرا بوفاة النائب الشيخ فريد الخازن وباستقالة النائب الشيخ سليم الخوري، ففاز بنتيجة الانتخاب الاستاذان اميل لحود والشيخ سليم الخازن، من دون أن ينافسهما أي مرشح.

وفي ١٩ تشرين الأول، عقدت جلسة لانتخاب رئيس للمجلس ونائبه وأميني السر، ففاز بالرئاسة صبري حماده وبنيابة الرئاسة جبران نحاس وأمانتي السر جوزيف ضو ورفعت قزعون.

الا ان موضوع النقد اللبناني ظل محور المناقشات، في ظل انقسام سياسي حاد، حول طبيعة المفاوضات، اتسمت عند بعض الأفرقاء بنزعة طائفية لا علمية.

وعند انتهاء المفاوضة باتفاقية، عقدت بين الحكومة اللبنانية والحكومة الفرنسية، أحيلت هذه الاتفاقية الى مجلس النواب. وبعد درسها في اللجنة المالية ووضع تقرير بشأنها من مقرر اللجنة النائب بهيج تقي الدين، طرحت للمناقشة في جلسة المجلس المنعقدة في ٢٨ آب فكان فيها للتمحيص العلمي وحرارة النقاش البارع النصيب الأوفر من جانب الحكومة، ولا سيما وزير الخارجية حميد فرنجيه الذي كان قد ناب عن الحكومة بامضائها وفريق من النواب المؤيدين، منهم حبيب أبو شهلا والمعارضين وفي مقدمتهم كمال جنبلاط وكميل شمعون.

وقد استحال عنف النقد في معارضة الاستاذ شمعون للحكومة ولهذه الاتفاقية الى مباراة بينه وبين وزير الخارجية في نبش المآخذ والعثرات في جو من المجافاة.

وعند التصويت صدق المجلس الاتفاقية بأكثرية ساحقة.

واعترف مؤيدو هذه الاتفاقية عند بحثها بعدم خلوها من المساوئ، ولكن حسناتها كانت أرجح، ومساوئ قبولها لا تقاس بشيء من الأضرار الفادحة التي كانت ستنزل بالبلاد في حالة رفضها.

القضية الفلسطينية

الا ان القضية الفلسطينية ظلت عنواناًَ أساسياً للوضع السياسي الداخلي، وكان لمواقف الرئيس بشارة الخوري، الدور الأكبر في احترام الموقف الرسمي وتقديره.

بعد ان قام رئيس وزراء لبنان رياض الصلح بتمثيل لبنان دفاعا عن قضية فلسطين، في الدورة التي عقدتها هيئة الأمم في باريس، وعاد الى لبنان، واجه المجلس النيابي في جلسة ٢٥ كانون الثاني ١٩٤٩ ببيان وزاري أهم ما تناوله القضية الفلسطينية، فوصف النتيجة التي وصلت اليها الوفود العربية ومنها لبنان بأنها نجاح سلمي، إذ حالت بفضل الجهد المتواصل دون ان تتخذ هيئة الأمم قرارا حاسما، يسعى اليهود وراءه، لكي يصبح وضعهم معترفا به دوليا، كما حالت في مجلس الأمن دون قبولهم عضوا فيه الخ…

وما ان انتهى من تلاوة البيان، حتى انطلقت فرسان المعارضة ترميه بسهام النقد. وكان أبرز رماتها النواب كميل شمعون وسامي الصلح وخليل أبي جوده وكمال جنبلاط وسليمان العلي.

ومما يذكر في مناقشات هذه الجلسة من وسائل المعارضة الجامحة الخارجة عن منهج الحوار الرصين، اقتراح خطي قدمه في الجلسة نفسها النواب سامي الصلح وكمال جنبلاط وسليمان العلي ونصوح الفاضل ينتهي بطلب تحويل رئيس الحكومة اللبنانية الى الهيئة المختصة، بتهمة الاخلال بالواجبات المترتبة عليه.

اعدام أنطون سعاده

وجاء في كتاب حقائق لبنانية للشيخ بشارة الخوري، انه على أثر وقوع حوادث في البلاد، نسبت الى أعضاء في الحزب السوري الاجتماعي، والى زعيمه المرحوم أنطون سعاده، اتخذت تدابير أمنية غير عادية.

وقامت الحكومة بإلقاء القبض على الزعيم صباح السابع من تموز، فأحيل الى المحكمة العسكرية في اليوم الثاني، بتهمة التحريض على العصيان المسلح، وبالاشتراك الفعلي فيه، وبقتل رجال الدرك، فحكم على الزعيم أنطون سعاده بالاعدام ونفّذ فيه هذا الحكم فوراً، فكان لهذا النبأ وقعه السيئ والمشين في النفوس، ولا سيما طريقة المحاكمة الخاطفة والتي نفذ فيها الحكم.

وعند انعقاد جلسة مجلس النواب في ١٩ آب، تقدم النائب كمال جنبلاط باستجواب طلب فيه استجواب الحكومة، حول الظروف الغامضة، التي أحاطت القضاء في الحكم على رئيس الحزب القومي الاجتماعي الأستاذ أنطون سعاده، إثر عملية سريعة ومشبوهة.

وبعد تلاوة الاستجواب طلب رئيس المجلس من الأستاذ جنبلاط ان يوضح استجوابه، تطبيقا لنص المادة ٧٣ من النظام الداخلي للمجلس، وبعد ايضاحه إياه يؤخذ رأي هيئة المجلس بقبوله أو عدم قبوله، فاذا وافقت عليه، حدّد المجلس موعدا للمناقشة به.

وبعد ان امتنع المستجوب عن ايضاح استجوابه، أخذ رئيس المجلس نفسه يبيّن للمجلس الجرائم المقترفة التي أدت الى المحاكمة والحكم، الخ…

وإذ صدر قرار المجلس بعدم قبول الاستجواب استشاط الأستاذ جنبلاط غيظاً، وانسحب من الجلسة وهو يقول أنتم مجرمون وتجب محاكمتكم.

كان المجلس النيابي قرر في الثاني والعشرين من شهر نوار في السنة الماضية تجديد الرئاسة للرئيس الشيخ بشارة الخوري.

وبما ان هذه الرئاسة الثانية تبتدئ عند انتهاء مدة الرئاسة الأولى، فقد عقد المجلس في ٢١ أيلول ١٩٤٩ جلسة خاصة أقسم فيها الرئيس اليمين في المجلس وفقا للمادة ٥٠ من الدستور.

لم تمر تلك التطورات بسهولة وقام بعض النواب بصفون التجديد بوصمة عار اتّسمت بالتلاعب والتزوير.

ووصف النواب المجلس بالشبهات وسمّي مجلس ٢٥ أيار.

وشاعت أنباء عن استشراء الفساد.

وتقدم رياض الصلح بكتاب استقالة وزارته، مسايرة للتقليد البرلماني، واستقالت الحكومة في جلسة ١٥ تشرين الأول.

يوم بدء الولاية الجديدة لرئيس الجمهورية، راجت اشاعة كثيفة، بأن الوزارة الجديدة سيصار الى تشكيلها من فئتين، احداهما، من خارج مجلس النواب، والأخرى، من داخله. وبما ان هذا التشكيل عند وقوعه يضيق به باب الأمل بالاستيزار على النواب، وكل منهم طامح اليه، فقد وقّع قسم كبير منهم على عريضة قدمت الى الرئاسات العليا في الدولة مآلها: ان موقّعيها من النواب سيحجبون الثقة عن كل وزارة تؤلف على هذا الأساس، وكانت حجة بعضهم في توقيع العريضة الدفاع عن كرامة نواب المجلس.

وعند تأليفها، ملئ مقعد واحد منها بمن هو من غير النواب الأستاذ شارل حلو، فحجب معظم موقّعي العريضة الثقة عن الوزارة، مع حاجبيها من نواب المعارضة، ولكنها فازت بالأكثرية.

كانت جريدة الأوريان قد وجهت الى الوزير الأستاذ فيليب تقلا، في أحد أعدادها، نقداً جارحاً عدّه ذماً ماساً بكرامته مستوجباً العقوبة الجزائية. فأقام الدعوى لأجله على مديرها المسؤول الأستاذ جورج نقاش. وبعد استجوابه من قبل المستنطق قرر توقيفه، فأوقف.

أغضب هذا الاجراء وزير العدل الأستاذ شارل حلو، وما كان ليرضى بوقوعه ضد صحافي، أو لو أستشير به قبلاً، من المرجع القضائي الأعلى، فاستقال من الحكومة. وقبل تقرير قبول استقالته، عقد مؤتمراً صحافياً، كان يذيع بواسطته خبر استقالته، بينما كان قد أخلي سبيل الصحافي جورج نقاش، الذي أبدى أسفه عند علمه بما حدث، لكنه كان قد سبق السيف العذل.

الأزمة الجديدة

إلاّ أن حكومة الرئيس سلام تواجه الآن أخطر مراحلها دقّة وصعوبة، فهي حريصة على التوافق بين وزرائها الأربعة والعشرين، على كل قرار قبل اتخاذه.

فقد واجهت الأسبوع الفائت أزمة بين الوزير أبو فاعور ووزيري السياحة ميشال فرعون والاقتصاد ألان حكيم وواجهت أيضا أزمة الهاتف الخليوي بين الوزير بطرس حرب والوزيرين جبران باسيل ومحمد فنيش.

إلاّ أن الحكومة بعد تمكنها من تجاوز الكثير من المطبّات منذ تأليفها، كادت حكومة الرئيس تمام سلام تواجه يوم الخميس الماضي، احدى أخطر الأزمات، لا بسبب عاصفة مكافحة الفساد الغذائي، بل عند بروز تباينات بين عدد من الوزراء بسبب ملف الخليوي الذي قفز فجأة الى الواجهة، وأشعل اشتباكاً وزارياً على قدر واسع من السخونة.

وبرز هذا التطور السلبي مع طرح موضوع المناقصة العالمية الذي أرجئ أكثر من مرة في مجلس الوزراء، وإصرار الوزير حرب على بتّه، إلاّ أن الوزيرين محمد فنيش وجبران باسيل أبديا ملاحظات قاسية عليه، وسط معلومات أفادت ان الاشتباك عطّل امكان اتخاذ القرار في ملف المناقصة، وهدّد امكان استمرار مجلس الوزراء، مما كاد يعرّضه للتعطيل.

وتردّد ان جدلاً حاداً دار بين الوزيرين فنيش وباسيل من جهة والوزير حرب من جهة أخرى، لدى طلب وزير الخارجية تعديل دفتر الشروط، مشدداً على رفضه بعض البنود الواردة فيه لمناقصة عالمية، الأمر الذي ردّ عليه حرب، بالاشارة الى ان هذه البنود نفسها كان قد وضعها باسيل في دفتر شروط مماثل حين كان وزيراً للاتصالات العام ٢٠٠٩.

إلاّ أن الوزير باسيل علل اعتراضه عليها وطلبه تعديلها بأن تغييرها هو أفضل للقطاع، مما دفع عدداً من الوزراء الى التدخّل في الجدل، وطلبوا عدم إقحام العوامل السياسية في هذا الملف، نظراً الى أهمية موقع الاتصالات.

وقد اعترض فنيش من جهته، على عدم تضمين المناقصة بنوداً تنص على حماية داتا الاتصالات لضمان عدم بيعها الشركات نفسها الى طرف ثالث.

وتفادياً لانفراط مجلس الوزراء، تمنّى الرئيس سلام ارجاء الموضوع الى الجلسة المقبلة.

في غضون ذلك، قيل عن هذا الاجتماع، ان الحكومة لا يمكن ان تكمل العمل في هذه الأجواء المعطلة للانتاج، بما يلبّي طموحات المواطنين. وقال الوزير سجعان قزي انه لو كان هناك رئيس حكومة غير الرئيس تمام سلام، لكانت طارت، وذلك بفضل صبره وحكمته، وحذّر من ان السفراء الأجانب يضعون تقارير تفيد ان المناقشات الوزارية تنمّ عن الفساد، وأعلن انه لا يمكن القبول بهذا النهج من العمل الذي يسيء الى لبنان، ويعرّضه لمخاطر سياسية وديبلوماسية.

وحذّر من استمرار الصراع الشخصي في قضايا تهمّ البلد وأبناءه، وتعطّل مصيره والمستقبل.

والحملة التي أطلقها وزير الصحة وائل أبو فاعور، وكشف فيها عن مواد غذائية غير مستوفية للشروط والمواصفات الصحية، تسوّق عبر مطاعم ومؤسسات كبيرة وصغيرة، منتشرة على معظم الأراضي اللبنانية ولم تكن صاعقة في سماء صافية، بل جاءت في ظلّ مناخ ملبّد بالغيوم، وفي ظلّ واقع منخور حتى العظم بالفساد السياسي والمالي والاداري.

يقول المحامي حسن بيان ان هذا الكشف عن وجود مواد غذائية فاسدة في السوق اللبنانية لم يكن أمراً مفاجئاً وليس أمراً جديداً، إذ سبق ذلك الكشف عن مخازن لتوزيع مواد غذائية منتهية الصلاحية، فضلاً عن وضع اليد على أصناف من الأجبان والألبان واللحوم الحمراء والبيضاء غير مستوفية المواصفات الصحية المطلوبة للتسويق.

ومع أن الادارة المعنية بمراقبة السلع الغذائية، أعلنت انها أحالت ملف المؤسسات التي تبيع وتروّج مواد فاسدة، الى المساءلة والمحاسبة. إلاّ أن هذا لم يردع المتاجرين بلقمة عيش المواطن، عن بيع مواد غذائية غير مطابقة للمواصفات، بل استمروا في مؤسساتهم وكأن شيئاً لم يحصل.

واللفلفة التي فرضت على من ثبت انتهاكه نظام سلامة الغذاء، وعدم مساءلته عن الخطر والضرر الذي لحق بالأمن الغذائي، وعدم مسؤوليته عن الخطر والضرر، سببه ان هؤلاء كانوا محميين من مراكز النفوذ السياسي والمالي.