تجاوز مجلس الوزراء «قطوع» الزيارات الوزارية إلى دمشق، بأقل قدر من الخسائر، ولكنه كشف عن وجود تعددية حكومية بموازاة التعددية السياسية، التي توافق أطرافها على الشراكة في الحكومة الائتلافية.
وإذا كانت التعددية السياسية بمثابة نتاج طبيعي للنظام الديمقراطي الذي نتمسّك به بأسناننا، رغم كل شوائبه المعروفة، فإن لبنان يعيش في ظل تعددية حكومية غير مسبوقة في التجربة الديمقراطية، ولا في التجارب الحزبية، أو حتى الائتلافية.
ويبدو أن الأطراف السياسية «تعايشت» مع هذا الواقع الشاذ، لأنها أدركت متأخرة أن لا أحد يستطيع أن يُغيّر مواقف الآخر، ولا أي طرف يستطيع إلغاء الآخر، وبالتالي لا بدّ من التسليم بوجود الموقف ونقيضه في مجلس الوزراء، كما على طاولة الحوار!
وإلا كيف نفسّر قبول خصوم «حزب الله» مشاركته في الحكومة، رغم معارضتهم الصاخبة لاشتراكه في الحرب السورية؟
ولماذا وافق الحزب على الدخول في حكومة برئاسة خصم لدود له، يعارض كل سياساته الداخلية والإقليمية؟
وماذا يعني قول وزير الإعلام بأن الحكومة نأت بنفسها عن زيارات دمشق، فيما وزير حزب الله يعلن من مقر مجلس الوزراء بأنه ذاهب بزيارة رسمية إلى العاصمة السورية؟
كل ذلك يُؤكّد، مرّة أخرى، أن ما يُحكى عن تسوية سياسية أدت إلى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وتشكيل الحكومة الحالية برئاسة الرئيس سعد الحريري، لم تكن أكثر من اتفاق آني على نقاط مرحلية وتكتيكية، في حين بقي كل فريق متمسكاً بتحالفاته واستراتيجيته!
فهل سيتفاجأ اللبنانيون، لو أفاقوا وشاهدوا وزير خارجيتهم مثلاً بزيارة رسمية في عاصمة الأمويين؟