Site icon IMLebanon

السفراء الخمسة لمسوا إشارات تنطوي على استعداد شيعي للنظر في الخيار الثالث

 

تحوّلات سياسية – رئاسية عند الثنائي رهن الأوزان والمكتسبات

 

 

يقع ثقيلاً على المسؤولين في بيروت إنتظارُ رد إيران على الاستهداف الإسرائيلي في دمشق. ويظهر هؤلاء المسؤولون أنهم سلّموا أمرهم وأمر لبنان إلى قرار غير دولتيّ، يرسم حزب الله دقائقه، بعدما بات على تحكّم كامل بمآل الأمور في ضوء جعل نفير الحرب وإرهاصاتها يتقدّم على أي اهتمام محلي آخر.

لا ريب أن تفاقم الهجمات الإسرائيلية على الحزب كما على أهداف إيرانية في سوريا، يزيد الأمور تعقيدا، ويمنح أولوية الحرب الشرعية اللازمة من وجهة نظر المحور وسلوكه العملاني والميداني. هذا الواقع يفاقم الخشية أن يكون لبنان إحدى ساحات الردّ. إذ ليس مستبعدا أن توكل القيادة الإيرانية إلى حزب الله هذه المهمة في سياق الانتقام من استهداف قادتها العسكريين في دمشق، خصوصا إذا ما أُخذ في الاعتبار أن مقتل العميد محمد رضا زاهدي، وهو العقل المدبر  للحرس الثوري في سوريا ولبنان، يُعد أيضا رسالة إلى الحزب، بالنظر إلى الدور الرئيس الذي إضطّلع فيه تسليحاً على مدى ٣٠ عاما، حتى قيل إنه كان عضوا في مجلس شورى الحزب، ونشط في لبنان بأسماء حركية كحسن مهدوي ورضا مهدوي.

لا يتوقّع أن يخرج الرد الإيراني على إسرائيل عن السياق المضبوط ربطا بالحوار الإيراني – الأميركي القائم في عُمان، إلى جانب الإتصالات الأميركية التوضيحية العاجلة التي تلت العملية الإسرائيلية في دمشق، ومغزاها عدم معرفة واشنطن مسبقا بالعملية. مع ذلك، بدأت الإدارتان الأميركية والفرنسية جهدا مضاعفا لتحييد لبنان بحيث لا يكون هو منطلق الرد الإيراني، في موازاة العمل الدؤوب على تهدئة الجبهة عند الحدود اللبنانية – الإسرائيلية.

وسُجّلت في هذا الإطار اتصالات دولية عاجلة لمنع تفلّت الأمور جنوباً، فيما كان وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن يؤكد من باريس «اننا نواصل التنسيق عن كثب في لبنان لمنع توسع الصراع في المنطقة». وكذلك فعل نظيره الفرنسي ستيفان سيجورنيه الذي شدّد على وجوب «تجنّب التصعيد الإقليمي وتحديدًا في لبنان»، مشيرا إلى أن «كل تحركاتنا في الشرق الأوسط تهدف إلى خفض التوتر في المنطقة».

ثمة من يعتقد أن قناة التواصل الأميركية – الإيرانية القائمة في شكل رئيس في العاصمة العُمانية، ستكون لها الكلمة الفصل. إذ إن كُلَّا من طهران وواشنطن على دراية كاملة بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يجهد لقطع الأواصر بينهما، وبأن الهجوم الإسرائيلي الأخير في دمشق لا يخرج عن مسعى تل أبيب ابتزاز القيادة الإيرانية واستفزازها بغية حرفها عن المسار التهدوي مع واشنطن واستجرار رد فعل عنيف بهدف التأثير سلبا في الحوار القائم بينهما، وعلى مجمل المسار التهدوي الراسي في الإقليم. لذا ثمة اعتقاد اميركي – غربي أنه بمجرّد ان تدرك طهران هذا المخطط الإسرائيلي، وهي تدركه، لن تقع في ما تخطط له تل أبيب، وتاليا ستحافظ على الخطوط الحمر المتفق عليها مع الإدارة الأميركية، بحيث يأتي الرد، إن حصل، مدروسا ومتّزنا.

في الموازاة، تفيد المعطيات الديبلوماسية الواردة من الخارج أن تل أبيب، وفق قراءة تحليلية للعمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل في سوريا على وجه الخصوص واستهدافها مخازن السلاح وطرق المواصلات، «تستعد لحرب عند حدودها مع لبنان، إذ هي تركز على قطع عناصر القيادة وسلسلة التوريد وحتى الإضرار بقدرات الإنتاج الذاتي في سوريا، ومنها إلى لبنان».

وتدقّق عواصم معنية في ما يقال عن أن الجيش الإسرائيلي بدأ إزالة حقول ألغام شمال مرتفعات الجولان، في محاولة محتملة لتجنب هجوم مباشر ضد حزب الله في الجنوب، واستبداله بآخر يتجاوزه إلى مناطق وسطى من لبنان.

مع هذا الواقع، باتت رئاسة الجمهورية في أدنى الأولويات، وربما خارجها في الظرف الراهن. وهو ما لا يخفيه حزب الله الذي يقيم على الموقف نفسه مع الداخل والخارج القاضي بأن لا حديث في أي شأن سياسي قبل انتهاء الحرب في غزة. لكن ثمة إشارات مخالفة تصدر من محيط رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعضها وصلت مباشرة إلى سفراء المجموعة الخماسية، تنطوي على استعداد للنظر في الخيار الثالث، وهو ما يتعارض فعليا مع توجّه الحزب.

ولئن تبقى تلك الإشارات رهن تحليل وتمحيص بالنظر إلى إمكان أن تكون في سياق توزيع الأدوار بين بري وقيادة حزب الله، يبقى أن بعضا من السفراء الخمسة على قناعة بأن ثمة قبولا شيعيا بدائيا بتحوّلات سياسية – رئاسية، بالطبع مشروطة بالأوزان والمكتسبات، وعلى ارتباط بطريقة او بأخرى بالثمن المتخيَّل لإخماد الجبهة الجنوبية وإعادة الإعمار.