IMLebanon

حماية سياسية  للحكومة السلامية

سور عال.. من الحماية السياسية حظيت به حكومة تمام سلام، لتجنيبها حملات مماثلة، لتلك التي شنها التيار الوطني الحر في مجلس الوزراء، كما في الشارع، مضافا الى طوق شعبي، اعاد لدارة المصيطبة بريقها الأخاذ.

جهود كبيرة تضافرت لحماية الحكومة من مأزق خروج التيار عن خط الحلفاء، قبل الخصوم، وكانت البداية في مجلس الوزراء عندما فوجئ وزراء الثامن من آذار بحملة الوزير جبران باسيل على الرئيس تمام سلام، من دون سابق انذار أو تنسيق، ومن ثم تفاجؤ التيار بتواضع حشده الشارعي امام كثافة القوى العسكرية والامنية التي جندت لحماية السراي خلال اجتماع مجلس الوزراء.

في الامثال ان الصفعة غير المتوقعة تؤلم أكثر… وهذا ما حدث يوم الخميس الماضي، عندما اختلفت حسابات حقل التيار الحر عن حسابات بيدر مجلس الوزراء والشوارع المحيطة بالسراي، وهذا ما سهل على سعاة التهدئة تحقيق الغرض من دون مسكنات عالية الفعالية. فمنذ اللحظة الأولى بدا موقف حزب الله خارج توقعات الحليف العوني، والحجة مقبولة، وهي تقدير ظروف الحزب، فضلا عن عدم دعوته للمشاركة بالتحرك… وعدم التنسيق كان مبرر رئيس المردة سليمان فرنجيه، مضافا الى رفضه طرح الفدرالية، التي عاد عنها العماد عون، كما لو انها زلة لسان، وفق توصيف فرنجيه.

بدوره حزب الطاشناق الذي يؤمن للتيار العوني ثمانية آلاف صوت انتخابي، اعتبر بلسان نائبه وأمينه العام أغوب بقرادونيان، ان اطلاق وصف داعشي بحق شخص بهامة رئيس الحكومة لا يشرف ابدا، ودعا سلام الى المزيد من الصبر والاستيعاب.

والراهن انه لم يكن من ذلك بد، وقد ساعد على هذا، الى جانب تحفظات حلفاء التيار، الدعوة الصريحة التي أطلقها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الى العماد عون للتحاور مع تيار المستقبل، لقد بدا العماد عون بحاجة الى التخلص من طروحاته الفدرالية المستحيلة، ومن تهديدات الوزير باسيل بفرط النظام والشراكة الوطنية، غير الظابطة. فما كان من حزب الله الا ان صب الماء في نبيذ الجنرال، مقابل اعطائه ما يحفظ له خطوط الرجعة، الى التحالفات المهددة بالضياع.

فمن ناحية يدعم الحزب العماد عون في موقفه من الحكومة والتعيينات العسكرية ضمن حدود التوافقات المعتمدة، ومن ناحية ثانية يترك لرئيس مجلس النواب نبيه بري حرية الحركة، لتأمين الاكثرية الكافية لانعقاد مجلس الوزراء، وتوفير العدد اللازم من الوزراء لاستصدار مرسوم الدورة الاستثنائية لمجلس النواب.

بالمقابل حُجب عن التيار الحر، دعم الطاشناق والمردة في الشوارع، كما في مجلس الوزراء.

والحصيلة كما تبدو حتى الآن: الحكومة مستمرة وبالتالي عصيّة على السقوط، لكنها لن تصدر التعيينات المطلوبة قبل اوانها، ولن تفتح ابواب الحظ الكفيلة بايصال العماد عون الى بعبدا…

المصادر المتابعة مجمعة على ان توقيت التحرك السلبي أكان في مجلس الوزراء ام في الشارع لم يكن مناسبا، وان الرهان المعتمد في لبنان على الملف النووي الايراني لم يصب، بدليل انتقاله من تأجيل الى تأجيل، مع غياب الفرضيات المعاكسة، وفضلا عن ذلك فان الخطاب المتطرّف يلقى ردود فعل سنّية متطرفة، ويضغط أكثر فأكثر على قوى الاعتدال التي يقودها تيار المستقبل، ومن هذه الكوّة يمكن أن يتسلل الدواعش وأخواتهم. بينما يصبّ التيار الزيت على النار…

ومن هذه المعمعة خرج كاسب آخر غير رئيس الحكومة، هو قائد الجيش العماد جان قهوجي، الذي تحولت حملة العماد عون عن سواه اليه، وهذا ما كان ليحصل عليه حتى لو تمناه، فلنجاح الحملات يفترض وجود خصومات، أو بالأحرى اختراع خصومات، ان لم تكن موجودة، والضربة التي لا تقتل تحيي.

من دوافع الحملة على رئيس الحكومة رفع الأسهم في الاستطلاع المتفق عليه مع القوات اللبنانية، إلاّ أن البيئة المسيحية باتت أكثر وعياً لواقع الحال، وهي تدرك بأن ما حصل لا يوصل أحداً الى أي مكان. وبالرغم من هذه النتائج الظاهرة، بات اجراء الاستطلاع لمصلحة الدكتور جعجع وحده.

والتركيز الآن على الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، وماذا ستبحث وماذا ستقرر وفي المعطيات المتوفرة ان ظروف حزب الله السورية، تجعله أكثر تمسكاً بالاستقرار النسبي القائم، كما بالحكومة، التي توفر الحصانة الدولية للوضع اللبناني.

والحصيلة من كل ما تقدم، ان من يعتقد ان بوسعه الضحك على الجميع، سيضحك الجميع عليه، في يوم من الأيام.