IMLebanon

لا إصلاح في ظل فوضى سياسية قوامها ضرب الديمقراطية وقانون الدفاع الوطني

 

الإصلاح في حالة النوايا السليمة يتطّلبْ إخلاصاً وصُدقاً للدستور وللقوانين اللبنانية المرعية الإجراء والغاية من المطالبة بالإصلاح من قبل اللبنانيين الشرفاء والمجتمع الدولي هو ليس مجرّد تحسين الوضع العام في البلاد بطرق هامشية على ما كان يحصل في العهود السابقة بل نشأة نهج إصلاحي Reformism، يقضي بإلغاء كل ما هـو قائم من فساد ومُفسدين في إدارات الدولة اللبنانية. إنّ الإصلاح بات مُلحّاً وهو مطلب لبناني – عربي – دولي وبالتالي كل المُطالبين سيكونون حول العهد الجديد وحكومته في عملية الإصلاح المطلوب، لكن على من يُحاولون عرقلة أي عملية إصلاحية أن يفهموا أنّ سلوكهم السيئ في الجمهورية اللبنانية لن يدوم ولنْ يُكتب له الإستمرار.

للأسف الجمهورية اللبنانية ترزح تحت وطأة أوضاع سياسية – أمنية – اقتصادية – مالية – إجتماعية – ثقافية تسبّبتْ في حالات من عدم الإستقرار والفوضى، وغالب القول أنّ هذه الفوضى السياسية حصلت في ظروف تأزُّم شامل وقد تأثر المجتمع اللبناني بهذه الحالات وإرتدّتْ سلباً على واقعه المعيشي وبات يُعاني من العديد من الأزمات التي تتطلب إيجاد حلول جذرية لها. إنقسامات في الآراء، إصطفافات وتناحرات تتخـذ طابعاً فوضوياً مُهيناً وعلى ما يبدو في حالة إستمراريتها ستتخـذ طابعًا يُهدِّد السلم الأهلي لأنها مبنيّة على التفاوت في العلاقات الإجتماعية – السياسية – الإنتاجية تتضاءل فيها الأسباب الحاملة على إنتقال العلاقات بين الفئات اللبنانية من حالة تعايُش ومحبة وإلفة إلى توّسُّل العنف (لا حاجة للإشارة لعمليات إقصاء بعض المواطنين عن الوظائف العامة في البلاد، خصوصاً في مرحلتي الشغور والتعيينات).

 

إنّ إنتقال الجمهورية اللبنانية من مرحلة الفوضى والرهانات الخاطئة والمحسوبيات والعمالة الممنهجة إلى مرحلة جمهورية مجتمعها متحضِّرْ ويُنتج ثقافة وطنية – عربية – عالمية، يدفعنا كمراكز أبحاث التفتيش عمّا يضمن هذا الإنتقال من الفوضى إلى مرحلة الإستقرار. إنّ الغاية القصوى لمركزنا PEAC من إعادة ترميم الجمهورية اللبنانية وبمعيّة العهد الجديد وحكومته أن تقوم بوظائفها كاملةً في أمان دون خوف أو تدخلات خارجية أو ولاءات خارجية على ما كان يحصل. هدفنا ساسة متحررين ديمقراطيين بحيث يتسنّى لهم أن يستخدمـوا السياسة الديمقراطية إستخداماً رزيناً لا أنْ يُصادروها وفقاً لأهواء المصالح الخاصة كما كانت تجري سابقاً. ومن حق الشعب اللبناني أن يرى إصلاحاً سياسياً صادقاً يحمل في طيّاته حلولاً ديمقراطية تُعيد للجمهورية رونقها السياسي الإبداعي.

 

الإصلاح السياسي يؤدي إلى ممارسة سياسية عقلانية للسلطة وبالتالي ستتخذ الجمهورية في حالة الإصلاح السليم ملامح كثيرة نختصر منها الحق: وهو الذي يحترم الحريات العامة ومن شروطه التمسُّك بالكرامة الإنسانية ضد أي نوع من أنواع العنف والقوة والبطش والتخويف والتخوين والعمالة. القانون: وهو شرط أساسي حيث يجب أن يخضع الجميع للقانون وتطبيقه دون أي قيد أو تسييس. السلطة: (المقصود: التشريعية – التنفيذية – الإجرائية – القضائية) وهم حكماً الآلية التي تحمي سير عمل الجمهورية من السقوط في أيدي حكام مستبدين. فعملية الإصلاح البنّاءة هي عملية إبداع ديمقراطية ودعم للحرية وللسيادة الوطنية.

بصفتنا باحثين وناشطين في الشأن العام اللبناني على مستوى الداخل والخارج عربياً ودولياً وبعد خبرات حققناها من خلال نشاطاتنا في الداخل والخارج ومن خلال اللقاءات والمحاضرات والندوات والتي شاركنا فيها من الممكن الإعتبار أن الإصلاح الديمقراطي الحقيقي السليم لا يضع نُظماً جامدة لنظام الحكم في الدول لا يمكن الخروج عنها، إنما ووفق خبرتنا المتواضعة والملموسة وضع أُسُساً ومعايير متى تحققت يُصبح الإصلاح معياراً للعدل والمساواة وسعياً لتحقيق مصالح الأوطان والشعوب. إنّ العمل على آلية إصلاحية وترسيخ دعائمها مطلب وطني شرعي يجب الإصرار على تحقيقه مع العهد الجديد ومع الحكومة الحالية، وإنّ أي عمليّة تقويض لبُنيان الدولة أو تعطيل مسيرة العهد أو تقويض مرحلة الإصلاح المنشودة والمدعومة من المجتمعين العربي والدولي ما هو إلاّ عملاً جباناً في حق الدولة والعهد والشعب والمجتمعين العربي والدولي.

 

الوعي الوطني المعطوف على عملية إصلاحية سليمة يقتضي الإحاطة والإلمام بما يُحاك للجمهورية اللبنانية من مشاكل ومخاطر تستهدف إنهاك الجمهورية اللبنانية ولا حاجة لتذكير القارئ الكريم بما حصل في السنوات الماضية من أعمال تتنافى والنظام الديمقراطي بما أشعل الفوضى والحرب وما أسفر من إحتلال إسرائيلي لجزء من أرض الجنوب. الوعي الوطني في هذه المرحلة يقتضي الوعي الكامل بمفهوم النظام الديمقراطي وتطبيق مندرجات الدستور اللبناني تطبيقاً حرفياً وبما يعني إستعادة السلطة اللبنانية الشرعية المتمثلة برئاسة الجمهورية والحكومة الحالية دورها والدور يكمن في:

• بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً لقانون الدفاع الوطني الذي يحصر أحقية الدفاع عن لبنان بالقوة الشرعية فقط.

• إجراء الإصلاحات السياسية – الأمنية – القضائية – المالية.

• إقرار قانون للإنتخابات النيابية عادل ومتوازن يُعيد إنتاج سلطة حقيقية لا سلطة على قياس تجار السياسة.

• إقرار قانون للأحزاب والجمعيات حيث لم يَعُدْ جائزاً نشأة أحزاب وميليشيات توالي الخارج وتضرب أواصر الوطن بالصميم.

إنّ أي إصلاحا لا يأخذ بعين الإعتبار خطــر دويلة وميليشيا ويتشارك معها في السلطة ويُهمل تطبيق القوانين سيكون مصيره حتماً الفشل، لذلك نعوِّل على وعي وإستقلالية كل من فخامة الرئيس ودولة الرئيس وأصحاب المعالي للبدء في حركة إصلاحية جارفة لإنتظام الدولة والديمقراطية.

* كاتب وباحث سياسي