يُعتبر «علم السياسة» واحدًا من فروع العلوم الإجتماعية الذي يختصّ بدرس وتحليل القوانين والأنظمة التي تتبعها الدولة. وهو المُخوّل بإجراء كل التحليلات لكافة الأمور والمواضيع السياسية المتشعبة التي تخص الدولة، بما فيها المعتقدات السياسية والانشطة إضافة إلى ما يُعرف بـ«السلوك السياسي». Aresto الفيلسوف اليوناني هو الذي اخترع علم السياسة بالإضافة الى الدور الريادي لـ Karl Marx وحاليًا الدكتور أنطوان مسرّة، وغيرهم من أهم المتخصصين في هذا العلم الذين وَضعوا نُظماً لتفعيل المؤسسات الحكومية وسلوكية السياسيين في أي مجتمع متحضّر.
يتضمّن «علم السياسة» عدداً من المواد التي تُدرّسْ في الجامعات، منها: مقدمة في العلوم السياسية ـ دراسات معمّقة ومتخصصة في كل المجالات ـ مقدمة في العلاقات الدولية ـ الأنظمة السياسية ـ علم الإجتماع السياسي ـ الأحزاب منظمات دولية وإقليمية ـ مناهج البحث العلمي في العلوم السياسية… يُستنتج من ذلك أنّ علم السياسة يهتم بدرس نشأة وتطوّر القوانين والأنظمة التي تتعامل بها الدول والعمل على تحليل وتطوير تلك القوانين ومناقشتها وإقرارها. إنّ لهذا التخصُص كثيرا من المميزات ما يجعله حتمًا محط أنظار الطلاّب والطامحين للعب دور سياسي.
مواد «علم السياسة»
في المبدأ يتم تدريس الطلاّب مفهوم تخصص هذا العلم وكيف تطوّر من عملية إجتهاد إلى نظريات إلى علم كامل ومتكامل وتخصص مشهود له في المجتمعات الراقية . من الطبيعي أنْ يُعطى الطالب كثيرا من المواد المهمة لهذا الإختصاص منها الإقتصاد ـ المال ـ الإجتماع… والذي تحمل تفاصيله اختصاصات وعناوين أخرى حيث تعطي طالب علم السياسة نظرة عامة عن كل المعطيات التي قد تطرأ في مرحلة ممارسته هذه المهنة. وقد تتشعب هذه المواد لتشمل الدبلوماسية ـ علم الإجتماع السياسي ـ القانون الدستوري ـ النظم السياسية، وهذه المواد هي تخصصية مهمّة يرافقها تدريس مادة اللغات كونها مادة أساسية للتعاطي في ما بين الشعوب.
يؤشر «علم السياسة» إلى ضرورة درس الأحداث والظواهر دراسة موضوعية معمّقة حيادية تبتعد كل البعد عن التحيُّزْ والإرتهان والتبعيّة والأفكار الشخصية ـ الذاتية ـ الإلغائية، وفي غالبية البلدان من يتصدّرون ممارسة العمل السياسي يفتقرون إلى ذهنية ومبادىء هذا العلم وآلية ممارسته وحتى يفتقرون إلى المهنية والمعرفة بهذا العلم… كل هذه الامور تشكل معضلة كبيرة وخطيرة أمام الواقع السياسي في هذه الدول التي يحكمها هؤلاء الأشخاص.
كما يعتبر «علم السياسة» أنّ العمل السياسي هو عمل جَماعي داخل المجتمع والتي تدور في فلكه سياسة تعتمد على الإستقرار والإنفتاح والتمدُّنْ العلمي. كما يؤكد «علم السياسة « ضرورة رصد المشكلات وإكتساب الخبرات في إدارة الأزمات وعلى الدراية في طرق حلِّها، وضرورة إتقّان الوسائل العلمية والقانونية التي تُساعد في رسم سياسة حضارية وتجنُب الأسباب التي تؤدي حتمًا إلى أزمات ونزاعات داخلية ـ إقليمية ـ دولية، كما يركز هذا العلم على ضرورة الإستفادة من خبرات أخرين متخصصين وممارسين في هذا المجال كما التخطيط لمستقبل أفضل والعمل على التطوّر العلمي السليم.
«علم السياسة « في أحد فصوله يعتبر أنّ الحياة السياسية تتحكّم بها عوامل ومقاربات وأحداث عدّة من شأنها تفسير أسباب الأزمات السياسية وتتمثل في أكثر من سبب، وأهمها: الفقر ـ الأميّة ـ التضليل الإعلامي ـ عدمية الإختصاص، كما ضعف المنظومة السياسية… ومنها تنتج عوامل غياب الثقة بين المواطنين والمسؤولين ـ خطورة قيام أحزاب عقائدية مصدرها الخارج ـ سوء إدارة العمل السياسي داخل المجتمع ـ ضعف القدرة على إدارة الخلافات فيما بين التيارات السياسية غياب الفكر السياسي المتنوّرْ ـ التناقض في ممارسة العمل السياسي ـ الإنحراف عن تطبيق القوانين … كل هذه الأمور يعتبرها هذا العلم هي المسؤولة عن تأزُّم الأوضاع في الدول التي تعاني من مشاكل.
«علم السياسة» يتضمن في أحد فصوله ما يُعرف بـ«مبادىء السياسة الإستباقية»، وهو عمليًا منهاج جديد وضمان أساسي لدرء مخاطر منظومة سياسية معادية وبالتالي تجنيب الدولة ويلاتها ومخاطرها. ويشترط هذا الباب إتخاذ كافة التدابير السياسية العلمية التي تقطع على هذه المنظومة طريقها والعبث بأمن هذه المجتمعات… وذلك بما يُعرف علميًا بـ»مناهج الحيطة والحذر» وما يستوجبه من اليقظة والخبرة السياسية وعدم الإنتظار حتى يقع المحظور. إنّ هذا الباب العلمي يركّز على أهمية الوعي عند المسؤولين السياسيين في دعم إستقرار الأوطان وتجفيف منابع الإنجراف الفكري نحو السؤ، إلى أهمية إتخاذ التدابير السياسية اللازمة التي تقطع الطريق على «الجهل السياسي».
«علم السياسة» يطرح، في سياق عرضه للوقائع في الدول من حيث أنظمتها، تأسيس نموذج سياسي ديموقرطي تتشكّل فيه إرادة سياسية تتضمن المنافسة الحرة التي تعتمد على الديموقراطية والإعتراف بالآخر واعتماد الحوار لمعالجة المواضيع العالقة، كما إيجاد حلول موضوعية للمشكلات المشتركة. كما إنشاء الأحزاب السياسية الواعية شرط سيرها في سياسة تنافسية ديمقراطية تبني ولا تهدُمْ.
تُرى هل يعتمد في لبنان ما تمّ ذكره؟ وهل ما يحصل من حوادث دموية هو نتيجة عدم تطبيق ما أدرجه «علم السياسة»؟ مسار الأحداث يُجيب عن هذين السؤالين .