IMLebanon

صنع السلام يتطلَّب شجاعة أكبر بكثير من الشجاعة لشن الحرب (البابا فرنسيس 9/6/2024)

 

 

 

فيما كانت دماء الشهداء من أطفال ونساء غزة ورفح ولبنان ما تزال ندية طالعنا قادة الحرب في إسرائيل بأنهم سوف يعيدون سكان شمال الأرض المحتلة الى مستوطناتهم إن لم يكن بالدبلوماسية فبالقوة العسكرية. وهددوا بأنهم سوف يعيدون لبنان الى العصر الحجري.

بحسب التعريف الذي وضعه الجنرال البروسي وأحد كبار المنظرين العسكريين كارل فون كلاورينتز، ان الغرض من الحرب هو تحقيق نتيجة سياسية لأن الحرب ليست سوى أداة للسياسة ووسيلة لإعادة النظر بالجغرافيا السياسية بين الدول والكيانات المتحاربة. لكن الحرب، يتابع الجنرال البروسي ليست الآداة الوحيدة لتحقيق المصالح السياسية وعليه ينبغي عدم اللجؤ الى الحرب اذا كان بالإمكان تحقيق الأهداف السياسية من خلال تدابير أخرى أقل تطرفا.

 

لكن وعلى الرغم مما تقدم فإن رجال السياسة خاصة في إسرائيل يستعملون الحرب بطرق تتعارض مع أهدافها لأن نيتهم تكون منصرفة الى إحتلال المزيد من الأراضي.

فالحرب اذاً هي البديل عن السياسة عندما تفشل هذه السياسة. أو ما يُعرف بقاعدة «الحرب السياسية» أي استخدام وسائل سياسية معادية لفرض تسوية. لكن اسرائيل لا تؤمن بهذه القاعدة ذلك أنها تخوض حروبها بدوافع تقليدية مثل الإنتقام واحتلال الأراضي والمصلحة وهذا ما فعلته في جميع حروبها مع الدول العربية.

إن الحرب التي تخوضها اسرائيل تنطوي دائما على إبادة جماعية وارتكاب جرائم ماسة بالقانون الدولي ولا تخضع «لقانون النزاع المسلح» أي «القانون الدولي الإنساني». وهذا ما يجعل حروب اسرائيل عنفية ومتعارضة تماما مع السلام.

لكن المفارقة أن جميع الحروب لا تجد مخرجا لنهاياتها الا من خلال حضن السياسة وهذا ما لا يحرص عليه قادة الحرب في اسرائيل الذين يقطعون خط التواصل بين حربهم وبين السلام.

سياسيو العدو الإسرائيلي هددوا بالحرب على لبنان وبدأوا يعدون العدة لها من خلال تحريك القوات العسكرية نحو الحدود الشمالية واطلاق التصريحات المتعددة الإتجاهات وبدء الحرب النفسية من خلال نشرات تتضمن تخويفا للناس مما قد يحصل لهم اذا ما اندلعت الحرب. ناهيك عن خرق الطيران الحربي الإسرائيلي الأجواء اللبنانية ليلا نهارا وخرق جدار الصوت لإلقاء المزيد من الرعب في قلوب الناس.

لم تثبت اسرائيل انها استنفدت الوسائل السلمية من اجل تحقيق اهدافها الغير مشروعة فهي تحتل اراض لبنانية ولم تنسحب منها وتحاول ان تعيد رسم الجغرافيا في المنطقة وفقا لحدود مصطنعه مخالفة بذلك حق لبنان في حدوده المعترف بها دوليا بحيث يبدو انها تحاول خلق واقع جديد على الحدود بهدف تأمين الحماية للمستوطنين اليهود وذلك على حساب حقوق الشعب اللبناني.

ان النشاط السياسي هو قيمة بحد ذاته وقد اكتسب علم السياسة اهميته بعد انقسام العالم الى فريقين ما يؤكد نظرية مؤسس علم السياسة الفيلسوف الإغريقي «ارسطو» عندما قال ان «علم السياسة هو سيد العلوم».

لكن النشاط السياسي الذي تقوم به اسرائيل لكي تبرر كذبا اقدامها على الحرب مشوب بعدم الشرعية وبالإعتداء على حق الدول الإنساني وعلى كل المواثيق وكل قرارات الشرعية الدولية فتكون بذلك قد افسدت طهارة علم السياسة.

ان الحرب والسلم حالتان متناقضتان فالأولى عنفية والثانية سلمية. دولة اسرائيل ليست قادرة على صنع السلام لأنها دولة عنفية ودولة مارقة لا تلتزم بالقرارات الدولية ولا بالمواثيق الأممية وتفتقد الى الشجاعة في العمل من اجل السلام.

* مدعي عام التمييز سابقاً