التسوية السياسية لإنقاذ البلد تنتظر تنازلات متبادلة
والإستعداد للقبول بمرشح رئاسي من خارج «8 و14 آذار»
ينتظر «التقاطع الإيجابي» بين رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري والأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله، بعد جريمة تفجير برج البراجنة مبادرة الزعيمين إلى ترجمة مباشرة على أرض الواقع تعطي دفعاً قوياً لحوارهما الثنائي ومن خلاله إلى الحوار الذي يديره رئيس مجلس النواب نبيه بري، في إطار السعي لإحداث خرق في الجدار المسدود عبر جولة التسوية السياسية التي تحدث عنها السيد نصر الله والتي تشمل رئاسة الجمهورية والحكومة وقانون الانتخابات، ولاقاه الحريري الذي أعلن أنه سيقابل بإيجابية كل مسعى لإخراج البلد من أزمته، على أن يكون مدخل الحل إجراء الانتخابات الرئاسية وهو لسان حال «14 آذار» التي أكدت في جلسات حوار ساحة النجمة، أن الاستحقاق الرئاسي يشكل أولوية في معالجة الملفات الساخنة المطروحة، في وقت كان «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» يعطيان الأولوية لقانون الانتخابات ويصران على أن النائب ميشال عون هو مرشحهما الوحيد لرئاسة الجمهورية.
والسؤال الذي يطرح، هل أن «حزب الله» وبعد كلام أمينه العام مستعد لأن يساهم في إنجاح التسوية الموعودة التي تحدث عنها السيد نصر الله ويكون لديه الاستعداد لتقديم تنازلات على طاولة الحوار تلاقي قوى «14 آذار» في منتصف الطريق عبر التفاهم على شخصية توافقية بشأن الرئاسة الأولى، والتخلي عن ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» للرئاسة الأولى، كونه غير مقبول من جانب قوى «14 آذار»، وبالتالي تعبيد الطريق أمام الحل، أم أنه لن يتخلى عن حليفه؟ ما يبقي الأزمة تراوح ومفتوحة على كل الاحتمالات.
تجيب عن هذه التساؤلات مصادر نيابية بارزة في «تيار المستقبل» بالقول لـ«اللواء»، إن الكرة أصبحت في ملعب «حزب الله» بعد الرد الإيجابي للرئيس الحريري على مبادرة السيد نصر الله، وبالتالي لا بد أن تتبلور الصورة أوضح في جلسات الحوار الوطني التي ستستأنف اليوم في قصر عين التينة بدلاً من ساحة النجمة أو في اللقاءات الثنائية بين «تيار المستقبل» و»حزب الله»، بحيث أنه يفترض أن تتوضح معالم التسوية أكثر من خلال ما سيقوله ممثلو «حزب الله» في هذه الحوارات وما إذا كان لدى الحزب الاستعداد للبحث في اسم مرشح آخر غير النائب عون، سيما وأن قوى «14 آذار» سبق وأشارت إلى أنها ليست متمسكة بمرشحها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ومستعدة للتوافق على اسم آخر يلقى تأييداً من قوى «8 آذار» تمهيداً لانتخابه رئيساً للجمهورية ومن ثم العمل على تشكيل حكومة جديدة تعمل على إقرار قانون عادل وسليم للانتخابات النيابية، مشددة على أن «تيار المستقبل» سيؤكد في الحوار الاستعداد للمضي في سياسة مد اليد بحثاً عن مخارج للأزمة القائمة شرط أن تتوافر النوايا الطيبة والإرادة الصادقة من الآخرين سعياً لطي صفحة الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس في أسرع وقت لتفعيل عمل المؤسسات وإقامة مظلة أمان حقيقية تحصن المناعة الداخلية لمواجهة الأخطار المحدثة التي تنذر بعودة التفجيرات بعد جريمة الضاحية الجنوبية الأخيرة، لأنه لا يمكن أن تستقيم الأوضاع وتستقر الأمور في البلد، إلا بوجود رأس للدولة لتنتظم الحياة السياسية وتصبح المؤسسات الدستورية قادرة على لعب دورها بشكلٍ طبيعي.
وتلفت المصادر إلى أن دعوة السيد نصر الله للحل من خلال التسوية التي أشار إليها ليست الأولى، لكن المطلوب هذه المرة أن تتم ترجمتها بسرعة، لأن لبنان لا يتحمل المزيد من الانهيار الذي وصل الخطوط الحمر، وإذا كانت قوى «14 آذار» أبدت كل استعداد للمشاركة في استخراج الحلول، فإن «حزب الله» والنائب عون معنيان باتخاذ مبادرة شجاعة تسجل لهما في هذه الظروف الحرجة لإخراج التسوية السياسية إلى العلن والكف عن سياسة التعطيل التي لن توصل إلى شيء، وإنما إلى إغراق البلد، أكثر فأكثر في الشلل والفوضى وتالياً المساهمة في تأمين نصاب جلسة انتخاب الرئيس المقبلة بعد التوافق على اسمه بين القوى السياسية الداخلية، والتأكيد فعلاً على أن الحل يجب أن يكون داخلياً ولا تجب المراهنة على الخارج الذي لا يمكن أن يساعد لبنان إذا لم يساعد اللبنانيون أنفسهم بأنفسهم ويكفوا عن انتظار الحلول من عند الآخرين.