كل من لا يبني الدولة هو يهدمها!
يجهد الثنائي أمل – حزب الله في تفريغ مراكز الدولة من مسؤوليها ليعيّن في أماكنهم آخرين «وكلاء» يحققون إرادتهم في تنفيذ سياسات تضع مصالح إيران ومحورها أولاً، على حساب مصالح لبنان. فالحزب يؤمن أن مصلحة لبنان من مصلحة إيران ومحورها. وعليه فإن النموذج الإيراني في الحكم غير الديمقراطي وفي التعاطي مع الحريات هو الذي يجب أن يسود! ولهذا تجري عملية تفريغ رئاسة الجمهورية والمراكز العليا الأخرى. وعليه، فالعمل جارٍ من أجل الوصول الى وكيل للجمهورية يدير البرنامج الموضوع له سلفاً مع الحكومة المعينة معه سلفاً أيضاً!
في هذه الاثناء، يشهد الموارنة تفريغ «مراكزهم» الأساسية تباعاً من رئاسة الجمهورية، مروراً بحاكمية مصرف لبنان، وصولاً لاحقاً الى قيادة الجيش مع أول يوم من السنة المقبلة. وينجح حزب الله مع ذلك في اختراق الإجماع الماروني وبالتالي المسيحي محققاً هيمنته على كافة مفاصل الدولة، كما فعل ونجح في رئاسة الحكومة من قبل! فهل يكتفي الموارنة بالموقف المراقب كما يفعل غيرهم؟! وهل يقبل الرئيس الماروني المقبل بالقول لحزب الله صباحاً ومساءً لتكن مشيئتك؟! في الواقع، سيشهد المشهد المقبل، على الأرجح، ارتفاعاً في الخطاب المذهبي والطائفي. ولا تظهر بوادر انتخاب لرئيس للجمهورية في الأفق إلّا تحت ضغط حدث كبير يلزم الجميع برئيس مقبول من كافة الأطراف، ومن دون شروط مسبقة، أو بعد حادث أمني، قد يكون مفتعلاً، يرجّح الكفّة لحزب الله.
في الواقع، لم تنجح محاولات الكثيرين، وآخرها محاولات ثورة 17 تشرين بإنقاذ لبنان من براثن الطائفية والمذهبية. فلبنان ينتقل من مذهبية سياسية الى أخرى بتغيير موازين القوى في المنطقة. ولن تكون «الشيعية السياسية» آخرها. المشكلة أن «ديكتاتورية المذاهب» في لبنان لا تتعلم من خبرات من سبقها! بل هي تعتقد أنها ستسيطر على الحكم الى الأبد، ولكنها «لو دامت لغيرك لما آلت إليك»! في النهاية، لا خيار أمام اللبنانيين وأمام حزب الله تحديداً إلّا إثنين: إما بناء الدولة وإما إنهيار ما تبقّى من أشلائها!