IMLebanon

الصدمة السياسية  والرئاسة

يبدو أنَّ اللبنانيين محاصرون، قسراً وقهراً، بملفٍّ كان يُفتَرض أن يكون عنوان خلاصهم، فإذا به يصبح عنواناً للكيدية السياسية والإشاعات المضللة التي تفرض واقعاً مغايراً عن الحالة الرئاسية القائمة، في الوقت الذي كانت فيه إحدى محطات التلفزة تذيع أنَّ الوزير جبران باسيل سيزور الرياض للقاء الرئيس سعد الحريري، كان باسيل في الطائرة عائداً من الإمارات إلى بيروت ليمثّل العماد عون على طاولة الحوار.

والمؤكد أنَّ جواب الرئيس الحريري عن أي سؤال يتعلق بالإستحقاق الرئاسي هو ما ورد في بيان كتلة المستقبل، لينزل الجميع إلى جلسة ٨ شباط، بمعنى أنَّ فرنجيه ماضِ في ترشيحه.

بدايةً، ليس في الأفق ما يشير إلى أنَّ كابوس الرئاسة سيبتعد عن هموم اللبنانيين وانشغالاتهم، فالملفُّ الرئاسي الذي عالجه الرئيس سعد الحريري بالصدمة السياسية يبدو أنَّ هذه الصدمة نفعته، بدليل أنَّ الرئاسة عادت بنداً متقدماً على ما عداه منذ شهرين ونصف الشهر:

لم يعد أحدٌ باستطاعته تجاوزه، وصارت هذه الواقعة ممراً إلزامياً لمقاربة الرئاسة، بمعنى آخر فإنَّ أيَّ نقاش سياسي في موضوع الرئاسة بات يتطلب التطلع إلى بيت الوسط أو بنشعي، وأي تحركات أخرى ليست سوى ردات فعل على هذا التحرُّك.

تيار المستقبل لا مشكلة له مع تعدد المرشحين، وهو لأجل ذلك ضمَّن بيانه، بعد الإجتماع الأسبوعي لكتلته، أن ينزل الجميع إلى جلسة 8 شباط، معتبراً أن تعدد المرشحين دليل تنوع وغنى. بهذا المعنى لماذا يخاف الآخرون من تعدد المرشحين؟

أليسوا هُم مَن يطالبون بالديمقراطية؟

أليست الديمقراطية هي التي تقوم على التنوع والتعدد وعلى أكثر من شخص، على أن تغربل صندوقة الإقتراع؟

لا رئاسة خارج هذا الإطار، فلماذا المعاندة والمكابرة؟

ولماذا التأخير في إنجاز الإستحقاق طالما أنَّ الأمور لن تتغيَّر؟

إنَّ 8 شباط لناظره قريب، لم يعد يفصلنا عنه سوى عشرة أيام، فعندها سيتبيَّن مَن المُعرقِل ومَن يريد الرئاسة، فلم يعد من الجائز ترحيل الرئاسة إلى آجال أخرى كما سيتم ترحيل النفايات.

وبالمناسبة، لماذا كل هذه المسخرة في موضوع النفايات؟

وهل يجوز ألا يمر أيُّ ملف إلا من خلال الفضائح؟

كيف يجوز أن يتم الإتفاق مع شركة على ترحيل النفايات بكلفة أكثر من 120 دولاراً للطن الواحد، فيما تهبط فجأة شركة تقول إنَّها قادرة على الترحيل بكلفة لا تتجاوز الثمانين دولاراً للطن الواحد؟

ما هذه المهزلة؟

وكيف يكون فارق الأسعار نحو أربعين دولاراً؟

بصراحة، لقد تعب اللبناني من حسابات النفايات، إذا لم تكن هناك محكمة لمحاكمة المسؤولين عن هذه الفظائع والفضائح، فهناك محكمة التاريخ التي ستدين معظم هذه الطبقة السياسية التي تسلَّمت بلداً ولم تعرف كيف تحافظ عليه.