عاصفةُ الطبيعة ستنحسر، ولكن ماذا عن إنحسار العواصف السياسية؟
عاصفةُ الطبيعة هذا هو مداها:
يومان أو ثلاثة أو أسبوع على أبعد تقدير، ثم تبدأ بالإنحسار ليحل محلَّها الطقس الرائع المناسب لهواة التزلج وارتياد المجمعات الجبلية، ولكن ماذا عن العواصف السياسية، التي ما إنْ تنتهي واحدة حتى تبدأ الثانية، وأحياناً يسود التداخل بين العواصف، فلا نعود نعرف كم من عاصفةٍ تهبُّ في اليوم الواحد.
في لبنان اليوم أكثر من عاصفة، الجامعُ المشترك بينها أنّها من النوع الذي لا ينحسر، وهذا ينطبق على العواصف من النوع الداخلي وتلك من النوع الخارجي.
إذا أخذنا العواصف الداخلية غير المنحسرة، فماذا نجد؟
بعد أسبوعٍ تقريباً من اليوم، تحل الذكرى السنوية الأولى لقرار مجلس الوزراء إعطاء ستة أشهر لإقفال مطمر الناعمة وإيجاد خطةٍ بديلة للنفايات.
كان ذلك في 17 كانون الثاني 2015، قرر مجلس الوزراء إقفال مطمر الناعمة بعد ستة أشهر، تكون في خلالها وزارة البيئة قد جهَّزت كل البدائل. مضت الأشهر الستة لتنفجر العاصفة في 17 تموز 2015، والتي ما زالت مستمرة حتى اليوم.
في موازاة عاصفة النفايات، كانت عاصفةُ إنتخابات رئاسة الجمهورية متواصلة ومتمادية منذ 24 آذار 2014 وليس منذ أيار 2014، ففي الدستور بالإمكان إنتخاب الرئيس قبل ستين يوماً من إنتهاء ولاية الرئيس.
لكن العاصفة امتدت وتمادت، وبعد أقل من ثلاثة أشهر من اليوم نحتفل بذكرى مرور عامين على بدء المهلة الدستورية لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية.
العاصفةُ الثالثة المتمادية هي عاصفة التمديد لمجلس النواب، تمديدٌ أول، ثم تمديدٌ ثانٍ، والحبل على الجرار كما يبدو، لأن ليس في الأفق ما يؤشِّر إلى إمكان القيام بالخطوات التالية التي تسبق الإنتخابات:
ليس هناك من قانونٍ لتجري وفقه الإنتخابات النيابية، فالقانون الذي جرت على أساسه الإنتخابات الأخيرة لم يعُد مطابقاً وباتت الحاجة إلزامية إلى قانون جديد، وبما أنَّ الكتل النيابية غير متفقة على قانون، فإن التمديد إلى ما شاء الله قد يكون هو المخرج من كل هذه الإشكاليات.
ولعل هذه العاصفة هي القطبة المخفية التي تخفي كل العواصف الداخلية، فلو ان الإتفاق على قانون جديد للإنتخابات كان قائماً لكانت انحسرت سائر العواصف.
هذه عيِّنة من العواصف الداخلية، التي لن تشهدَ إنحساراً في القريب العاجل، خصوصاً إذا جرى ربطها بالعواصف الخارجية التي يبدو انها هبّت، وليس ما يشير إلى إنحسارها قريباً.
إزاء كل هذه الأوضاع، هل من إمكانية لتفادي الأضرار والخسائر؟
إنّ ذلك رهنٌ بتفعيل عمل الحكومة، وهذا التفعيل من شأنه أنْ يُقلل من الأَضرار الناجمة عنها. فهل يُقدِم الرئيس سلام، أم أنه سيبقى في طور إطفاء المحرِّكات الحكومية؟