يكشف أحد النواب الجدد، والذي ينتمي إلى كتلة وازنة، بأنه يتّجه إلى المشاركة في جلسات مناقشة البيان الوزاري للحكومة الجديدة أو حكومة «إلى العمل»، من دون أن تكون لديه قناعة ثابتة بأن هذه الحكومة قادرة على النهوض بكل التزاماتها التي حملها البيان، ومن دون أن تتوافر لديه ولدى البعض من زملائه الثقة بقدرة الحكومة على استعادة ثقة الرأي العام بالمؤسّسات الرسمية، خصوصاً بعد الحادثة الأليمة التي قضى فيها جورج زريق حرقاً من أجل حق أبنائه في التعليم.
وينطلق النائب المذكور في شكوكه، من التجارب الوزارية السابقة، خصوصاً وأن بعضاً من الوزراء الحاليين سبق وأن تبادلوا الإتهامات في ما بينهم بالمسؤولية عن العديد من الأزمات الإقتصادية والإجتماعية، والتي أدّت إلى التدهور على أكثر من مستوى. وموقفه هذا يتزامن مع مواقف نيابية عدة مشكّكة لدى العديد من النواب، ومن كل الكتل النيابية، والذين سيتوالون على الكلام من جلسات المناقشة العامة، وذلك، بصرف النظر عن وجود ممثّلين عن كل كتلة بارزة في الحكومة الجديدة، لأن هذا الواقع لن يحول دون استفاضة العديد من النواب في عرض أسباب الأزمات الراهنة، وفي تجديد الإصرار على مكافحة الهدر والفساد، ومواجهة التحديات السياسية والأمنية والإقتصادية التي تواجه الساحة الداخلية، وصولاً إلى منح الثقة انطلاقاً من التفاؤل باحتمال الوصول إلى واقع جديد نتيجة التفاهمات السياسية بين المكوّنات الحكومية والقرار السياسي بإعطاء حكومة «إلى العمل» فرصتها لتحويل وعودها إلى الداخل والخارج إلى سياسات عملية ومفيدة.
ومع التأكيد الواضح من قبل رئيس الحكومة سعد الحريري، على عزمه بإطلاق ورشة عمل وزارية فاعلة ومنتجة، وتخطّي كل الصعوبات التي تعترض مسيرة حكومته، فإن النائب نفسه يتحدّث عن وجوب تسهيل هذه المسيرة من خلال غطاء سياسي توفّره العلاقات المستقرّة ما بين كل القوى السياسية، ولا سيما على خط الرئاستين الأولى والثانية، وذلك، بعدما ساهمت التباينات في المراحل السابقة في تعطيل الإنتاجية الحكومية في عدة مجالات إدارية ومالية واقتصادية.
من جهة أخرى، وعلى الرغم من أن وعود الحكومة الجديدة لم تخرج عن سياق المتوقّع لناحية الإبقاء على حالة ربط النزاع في بعض الملفات السياسية والأمنية، فإن النائب نفسه، يرى أن المجلس النيابي سيواكب عمل الحكومة، بصرف النظر عن كل الإعتبارات الأخرى، وسيواصل العمل بعد منح الثقة للحكومة الجديدة، على مراقبة أعمالها عن كثب وبشكل دقيق ورقابي، على أن يتم هذا الأمر من خلال جلسات دورية للرقابة والتشريع، كما النقاش للخطط التي سيجري تنفيذها. ومن هنا، فإن ما بعد الثقة النيابية سيختلف عما قبلها، وذلك على الرغم من انطلاقة الحكومة من الناحية العملية من خلال المشاريع التي كان بدأ الحديث عنها في الآونة الأخيرة، والتي باتت تشكل حجر الزاوية لنجاح الحكومة وفرض نفسها في عملية الإنتاج الفعلي.