Site icon IMLebanon

تفاهمات سياسية… أم الإنفجار الكبير؟

من المُبكر الحكم على قرار وقف العمليات العسكرية في اليمن. ثمة تتمّة غير واضحة للقرار السعودي، وهذا ما يدفع الى الاعتقاد أنّ «تفاهماً إيرانياً – سعودياً قد حصل برضى أميركي قبَيل ساعات من الاعلان عن انتهاء «عاصفة الحزم» السعودية.

منذ بداية الحرب السعودية في اليمن، عملت الجمهورية الاسلامية الايرانية على جبهتين متوازيتين. جبهة ديبلوماسية تضمّنت جولات واتصالات أجرَتها الخارجية الايرانية مع روسيا وباكستان والصين بغية التوصّل الى حلّ سياسي للأزمة اليمنية، وجبهة سياسية – إعلامية قادها المرشد الاعلى السيّد علي خامنئي، وتضمّنت هجوماً حاداً على السعودية، وتشديداً على أنّ «حربها في اليمن» لن تحقق شيئاً.

نجحت ايران في منع تحويل «التحالف العربي» تحالفاً «سنيّاً» عريضاً يُدخل كل الشرق الاوسط الكبير في حروب مذهبية لا تنتهي. أولى النجاحات الايرانية جاءت في الموقف الباكستاني الرافض الدخول طرفاً في «عاصفة الحزم»، وبالتالي سحب الصاعق المذهبي الذي حاول البعض تفجيره انطلاقاً من اليمن.

بعد تحويل المعركة حول اليمن معركة سياسية وحرباً لا أفق لها، أبلغت ايران في الساعات الاخيرة كلّاً من واشنطن وموسكو أنها ستضطر للتدخّل عسكرياً اذا لم يتوقف السعوديون عن ضرب «الشعب اليمني»، ولم تكتفِ طهران بالتلويح بالتدخّل، بل بَنَت جهودها على «مبادرة سياسية» من أربع نقاط تتضمّن وقف الحرب والعودة الى الحوار وتأليف حكومة وحدة وطنية.

هذه المبادرة تمثّل الموقف الايراني وموقف الحلفاء داخل اليمن. والسعودية التي خسِرت باكستان ولم تستطع إقناع مصر بالعملية البرية، اقتنعت أخيراً بأنّ الأفق الوحيد في اليمن هو التفاهم مع الإيرانيين، والذهاب نحو الحل السياسي.

تقول مصادر يمنية في بيروت: إنّ الديبلوماسية الايرانية أرسلت منذ بداية «عاصفة الحزم» رسائل الى الرياض فيها دعوة إلى التفاهم والحل، وكان الكلام الايراني واضحاً بعدم وجود أيّ نية بـ»كسر المملكة» في اليمن وإضعاف حضورها ونفوذها هناك.

وبعدما دخلت «عاصفة الحزم» في المراوحة وأصبحت تُهدّد الامن الاقليمي برمّته، وافقت الرياض على وقف النار والشروع في عملية سياسية لا تزال غير واضحة المعالم نظراً للصعوبات الداخلية اليمنية، واحتمال أن يكون «التفاهم» ضعيفاً وهشّاً لأنه قفز فوق وقائع يمنية تجذّرت لأنّ ما قبل الحرب ليس كما بعدها.

بمعزل عن الميدان اليمني، من الواضح أنّ وقف العمليات العسكرية السعودية يمثّل بداية اختبار لاحتمالات التسوية الجدية بين إيران والسعودية. ما ستأخذه الرياض في اليمن ستضطر للدفع مقابله في سوريا والعراق، هكذا يقول مطّلعون على مسار التسويات ومقترحات التفاهم الاقليمي.

امّا في لبنان، فمن الملاحظ جَلياً أنّ طهران والرياض لم تُقحما لبنان في الصراع اليمني بنحو حاد، ما جعل الحوار بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» مستمراً على رغم السقف السياسي والاعلامي العالي والانقسام الحاد حول الحرب في اليمن.

عدم تعريض لبنان لاختبارات قاسية أثناء الحرب يؤكد أنّ أمن البلد واستقراره في سلّم اهتمامات اللاعبين الدوليين والاقليميين، وهذا ما يمكن وضعه في سياق الاقتراب تدريجاً من لحظة الاتفاق وتظهيره عبر انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

من هنا ينبغي مراقبة الواقع السياسي اليمني واتجاهاته. هل ستذهب طهران والرياض الى شراكة سياسية في اليمن؟ وهل هذه الشراكة ستشكّل مفتاحاً لحل المشكلات الاقليمية؟ أم أنّ شياطين التفاصيل أقوى من الرغبة في الحل السياسي والتفاهم؟

لا شك في أنّ المرحلة المقبلة ستكون حافلة بالأجوبة على كل هذه الاسئلة، فالمنطقة التي حملت جنيناً اسمه «الربيع العربي» منذ اربعة أعوام تكاد تنفجر بنحو مأسوي، ولا بدّ من حلول وتفاهمات تمنع «الانفجار الكبير» وحرب المئة عام بين السنّة والشيعة.