IMLebanon

النفايات السياسية … ومزبلة التاريخ؟!

الذين وصفهم رئيس الحكومة تمام سلام بانهم نفايات سياسية، قد لا يقدر على مواجهة اذاهم بالوسائل السياسية التقليدية التي سبق للنفايات السياسية ان اعتمدتها لعدم انتخاب رئيس للجمهورية ولعدم اجراء انتخابات نيابية طبيعية، بما في ذلك التمديد لمجلس النواب لمرتين بشكل مشين وزائف ومرفوض من الجميع، على رغم العمل السيئ الذي نتج عن التمديد المذل لرأي الناخب العادي الذي اقحموه في ممارسة السياسة من بابها الخلفي، على رغم كل ما قيل ويقال عن ان لا جهوزية سياسية في البلد تسمح باجراء انتخابات نيابية طبيعية؟!

والذين وصفهم الرئيس سلام بانهم نفايات  سياسية، لا يزالون  يمارسون استهدافهم للدولة والمواطنين، طالما استمر تقبلهم كأمر واقع يسمح لهم بقيادة البلد الى المجهول السياسي والوطني بعكس كل ما يقال عن ان لبنان قادر على مواجهة تحديات زمانهم السيئ الذي ينادون به، ليس لانهم سياسيون تقليديون بل لانهم حثالة رهنت البلد الى المجهول، وهؤلاء مستمرون في توريط الشعب بما لا قدرة له على تخطي المحنة؟!

لقد كشفت فضيحة النفايات عن ان البلد يتجه من سيئ  الى اسوأ، بعدما تبين ان معالجة هذا الملف الحيوي لا تتم بطريقة علمية وواضحة، لاسيما ان ملايين الدولارات التي خصصت لمنطقة عكار لا تفي بالغرض ولا تغطي فضائح المناقصات التي جرى بعضها بوسائل محاصصة ليس بوسع احد التستر عليها، بقدر ما بوسع الجميع كشف روائحها الكريهة كون القسمة دلت في مكان على مكمن الخلل وفي مكان اخر على مكمن السرقة والنصب والاحتيال قياسا على كل ما حملت  الفضيحة من رشاوى جانبية حتمت على رئيس الحكومة الاشارة الى النفايات  السياسية!

رب قائل ان الحراك الشعبي على قياس يومي السبت والاحد الماضيين لن يتكرر، فيما هناك اجماع على ان السبت المقبل لن ينتهي باستمرار وجود حكومة، بل دولة تنفيعات ومزارع تجيز لبعضهم التحكم بالخزينة العامة، اي بمالية الدولة، التي تكاد تتحول الى عصابة مافيات توكد السير قدما باتجاه النفايات السياسية، بل الانهيار الكامل في مؤسسات الدولة التي تبحث عمن يمنع انهيارها بلا طائل، لاسيما ان الانهيار مدروس ومخطط له من بعضهم؟!

ثمة خطأ ارتكبه رئيس الحكومة عندما اشار الى النفايات السياسية من غير ان يسميها، ليس لانه سيكون محرجا بل لانه لا يريد  المزيد من الحاق الضرر بالدولة وبمؤسساتها بدليل الاستعداد الدائم للنزول الى الشارع ومنع تثمير الحراك الشعبي المنادي بالاصلاح وبالابتعاد عن كل ما من شأنه ان يزيد الطين السياسي بلة،  وهو الطين المصطنع من لحظة التمديد الاول لمجلس النواب ومن ثم عدم انتخاب رئيس للجمهورية عن سابق تصور وتصميم، حيث تستمر المؤامرة الانتخابية من غير ان يقارب احد الانتخابات الرئاسية كأمر واقع؟

اما اولئك الذين ينتظرون فشل الحراك الشعبي، من خلال دس جماعاتهم لافتعال مشاكل مع القوى العسكرية والامنية فانهم لاشك واهمون، حيث يفهم من «تحضيرات الشارع»، ان يوم السبت سيشهد انتفاضة شعبية تاريخية لا تقاس بما سبقها، وهذا مرجو لجعل من هم في السلطة يدركون ان الكلام وحده لا يعالج المشاكل العالقة لا بالمال ولا بالروايات السياسية – البوليسية؟!

المهم في خلاصة الكلام ان لا ينتهي الحراك الشعبي برفع الشعارات، ليس لان المطلوب تغيير النظام، بل لان المطلوب  المحافظة على نظام لا محاصصة فيه من ضمن مؤشرات احترام الذات السياسية وتجنيبها مخاطر الثأر بالنفايات السياسية، حتى ولو اقتضى  الامر تقديم النواب الذين يحترمون انفسهم استقالات جماعية تكفي وحدها لوضع النقاط على الحروف من دون حاجة الى مؤثرات الحراك في الشارع حيث يستحيل بعد ذلك تقبل الاستمرار في الواقع المعاش او المعيوش لا فرق!

وبعد ذلك وقبله، لا بد من كتابة تاريخ لبناني جديد لا مكان فيه لمن مدد لنفسه وكالته عن الناخب، كذلك بالنسبة الى كل من ينطبق عليه وصف النفايات السياسية قديمها وجديدها لان هؤلاء موجودون على «مد النظر» وقادرون على تغيير الوانهم وخطابهم ومفهومهم  للسياسة الوطنية كي لا نقول السياسة الساذجة التي تكفل لهؤلاء اللعب على الالفاظ وعلى عواطف بعض الذين يتأثرون بالمذهبية – الطائفية والمناطقية ومعظم هؤلاء ينطبق عليهم شعار النفايات السياسية شاؤوا ام ابوا كي لا نصل بالبلد الى مزبلة التاريخ؟!