IMLebanon

رجال الزمن الجميل وجماعة هذه الأيام  

 

صدّقوني، إشتقنا إلى تلك الوجوه السياسية العريقة التي رحلت من عندنا تباعاً منذ عقود وتركَتنا مَهيضي الجناح ومكسوري الخاطِر مع هذه الحال المُذرية. نتذكّرهم بوجوههم الباسمة (حتى كمال جنبلاط كان يبتسم) وبكلامهم الأثير، وبالحكمة تصدر عن أفواههم، وبالممارسة السياسية الراقية، سواء أكانوا في الموالاة أم في المعارضة.

 

نتذكّر بكثير من الحنين أولئك الكبار الذين يعرف قارئ «الشرق» المواظب على هذه الزاوية، أنني أسترجعهم بين حينٍ وآخر، فإذا هم أساتذة في الذوق واللباقة والأناقة والذكاء والقدرة على إطلاق الطرفة حتى في الأوقات الصعبة، وأيضاً الكثير من القدرة على ضبط الأعصاب ولو في ذروة الإشكالات.

 

بكثير من النوستالجيا، نتذكّر كميل شمعون ورشيد كرامي، بيار الجميل وصائب سلام، ريمون إده وكامل الأسعد، رينيه معوّض ومجيد إرسلان، صبري حماده ويوسف سالم، كمال جنبلاط وألبير مخيبر، عبدالله اليافي وكاظم الخليل… وقبلهم حميد فرنجية وسامي الصلح، بشارة الخوري وإميل إده، يوسف الخازن وسليمان العلي…

 

كانوا فرسان الكلمة. عباقرة إختراع سبل الخروج من المآزق. الأتقياء الأنقياء الأمناء في حفظ المال العام.

 

أولئك الأماجد لم يعرف الحقد إلى قلوبهم سبيلاً. كانوا أقوياء في الموالاة وأشدّاء في المعارضة ورحماء في كلّ حين. وكثيراً ما كان بعضهم يواجه الأزمة أو العقدة بقصيدة شعرية أمثال إميل لحود وسليم حيدر ولويس أبو شرف وإدمون رزق وجان عزيز.

 

كان لبنان البداية والنهاية بالنسبة إليهم. وكانوا في «خوشبوشية» لافتة في التعامل مع الناس. والقلوب، كالأبواب، مفتوحة. والحوارات مع الناس على بساط أحمدي. وعلى سبيل المثال لا الحصر،

 

كان سليمان فرنجية يكاد أن يعرف الناس واحداً واحداً، خصوصاً الشماليين، من جسر المدفون إلى النهر الكبير، بأسمائهم، وأيضاً يعرف الأبناء والأحفاد.

 

أما اليوم، فهذه الطغمة السياسية اللاهثة وراء السلب، وضرب مقوّمات الوطن، لا تكتفي بما أوصلتنا إليه من فشل وإنهيار مروّع، ومعظم المُنتمين إليها لا ينطقون إلا بالحقد، ولا يقولون إلا بالضغينة، ولا يلهجون إلا بالبغضاء!

 

ألا تستمعون إلى تصريحاتهم ومقابلاتهم الإعلامية، وتعليقاتهم على سفاهات بعضهم البعض؟!.