IMLebanon

عاجزون ومرتاحو الضمير

 

 

لم يفكر العماد رئيس الجمهورية مرة واحدة في إجراء مراجعة نقدية لعهده، لا بعد سنة من توليه السلطة ولا بعد سنتين ولا بعد أربع، وسيغادر السلطة بعد أقل من 500 يوم مع صفر أخطاء، وصفر دولار في البقرة الحلوب، أي مصرف لبنان المركزي، وصفر وعود محققة، يغادر كما إميل لحّود مرتاح الضمير.

 

وكان عمر الجنرال شهاب 58 سنة وليس 86 عندما كتب ورقة استقالته ورُفِضت بالإجماع.

 

والرئيس الياس سركيس عزم غير مرة على الإستقالة بعد انسداد الأفق السياسي وانفلات الوضع الأمني.

 

والرئيس التاريخي لفرنسا شارل ديغول، استقال في نيسان 1969 من منصبه وأعلن اعتزاله العمل السياسي عقب الاضطرابات الاجتماعية والطلابية التي شهدتها فرنسا عام 1968. إستقال. ألا تستأهل الأزمة السياسية والإقتصادية والإجتماعية المذهلة موقفاً ديغولياً؟

 

طبعاً لا.

 

فالرئيس لن يغادر قبل استكمال حروبه الإصلاحية وكما قال في حديثه لمجلة الأمن العام “حتى آخر لحظة من ولايتي الدستورية سأسعى مع من تبقى من خيّرين في هذا الوطن إلى استعادة الدولة ممن عاثوا فيها فساداً وتهديماً”.

 

حسمها الرئيس، لن يراجع سياسته.

 

والرئيس نبيه بري أيضاً معصوم عن الأخطاء والخطايا. فإنتاجية المجالس النيابية التي رأسها منذ أن كان في الرابعة والخمسين وحتى اليوم مذهلة. ودوره البرلماني في مرحلة ما بعد الرئيس لحود مفخرة للديموقراطية الحديثة. لم يقل الرئيس بري مرة إنه أخطأ وأنه سيراجع حساباته وأخطاءه، وأن تحالفه مع “حزب الله” في السراء والضراء جعل من الثنائي قوة ميثاقية تعطيلية. أطال الله عمره متى كانت آخر مرة قام فيها بمراجعة نقدية لأدائه؟

 

والرئيس المكلّف سعد الحريري من جهته، ألم يفكر في ثمانية أشهر، أنه كان من الأجدى ألّا يطرح نفسه رئيساً للحكومة في عهد العماد ميشال عون، والثقة تكاد تكون معدومة بين الرجلين وغير قابلة للحياة؟ هل قوّم تجربته في السلطة في حكومتي العهد الأولى والثانية مع مستشاريه أو مع نفسه؟ هل راجع سياسته؟ هل نسي أن الثورة قامت ضد حكومته وليس ضد محمد شقير حصراً. هل حسب كلفة الكباش مع جبران باسيل وكلفة التمترس خلف “الإستيذ”؟

 

أما جبران العظيم، مقدّم التسهيلات والتضحيات لقيام الحكومة العتيدة، فهو الوحيد الذي أجرى تقويماً لسياسته وطلع بنتيجته أن حلفاءه نكثوا بوعودهم وأفشلوا العهد القوي وأعاقوا خططه، وصلّوا كي تتشقق أرض سد المسيلحة وعملوا لفرط مشروع سد بسري وتعميم العتمة. في تقويم جبران الجميع على خطأ وهو على صواب. سليم عون لديه القراءة نفسها ومثلهما سيزار وندى وغسّان وجورج وإدكار وإدي…

 

يبقى على المواطنين أن يجتمعوا في خلوات لتقويم أدائهم بعدها يقدمون استقالات جماعية من الوطن: هجرةً أو انتحاراً.