وضع وزير الداخلية نهاد المشنوق اصبعه على الجرح في المؤتمر الصحافي الذي عقده ليعلن توقيف الشبكة الارهابية التابعة لـ«داعش» التي وقفت وراء التفجيرين الانتحاريين اللذين احدثا مجزرة في الضاحية الجنوبية كاشفاً ان الهدف الاساسي كان «مستشفى الرسول الاعظم» وجرى تبديل الهدف من قبل العقل المشغل لعدم وصول الانتحاريين الاثنين الى المسرح لاسباب لا تزال مجهولة، اما وضع الاصبع على الجرح فتمثل بمساواته بين الارهابي والمهرّب، وربما المهربون اكثر خطورة من الارهابيين كون هؤلاء عقائديين ظلاميين بينما المهربون يشكلون حثالة من الناس تبيع كل القيم حفنة من الدولارات فكيف اذا كانت المبالغ تتعدى الحفنة لتصل الى نصف مليون دولار صادرتها شعبة المعلومات لدى مداهمة منزل محمد سرور في اللبوة ووالده سعد واعتراف الرجلين بأنهما عملاً على نقل ارهابيين وعدتهم من المتفجرات من الداخل السوري الى لبنان وفق الاوساط المتابعة للمجريات.
واذا كان المهربون اخطر من الارهابيين انفسهم فان الاخطر من الاثنين بعض اهل السياسة تقول اوساط متابعة، الذين لا يوفرون وسيلة للوصول الى اهدافهم وتحقيق مصالحهم الشخصية على طريقة مكيافللي بتطبيق «مقولة الغاية تبرّر الوسيلة» ويندرج في هذا الاطار اوضاع ما يسمونه «قادة المحاور» في جولات العنف الطرابلسية، الذين تم استغلالهم حتى الثمالة وبعدما وجدوا تركوا للقضاء المختص ليحاكمهم، ولعل المضحك – المبكي وفق الاوساط نفسها ان المذكورين لا علاقة لهم بـ«داعش» او «النصرة» او مشتقاتها من فروع «القاعدة»، واذا كان رفع الغطاء السياسي عنهم قد انهى جولات العنف العبثية في الفيحاء، الا ان ذلك لا يمنع بعض السياسيين من ركوب رياح التكفير وممارسة باطنية عزّ نظيرها في المواقف المعلنة ظاهرياً، للحفاظ على مكاسبهم.
وتضيف الاوساط ان الامثلة كثيرة على ذلك فالارهابي عبد الغني جوهر الذي استهدف حافلتين تقلان عسكريين في منطقة البحصاص منذ سنوات والذي قتل في القصير اثناء قيامه بتفخيخ سيارة كان على صلة باحد السياسيين الشماليين الذي لم ينف الامر بل برره بالقول انه «مر على منزلي مرة او مرتين ولم اكن اعرفه او اعرف خلفياته»، ولعل فضيحة الفضائح تكمن في اعتقال شادي المولوي رأس «القاعدة» في لبنان من قبل الامن العام في عملية ذكية يوم استدرج الى مكتب النائب محمد الصفدي، وقامت الدنيا ولم تقعد حيث اعتبر المعنيون الامر اهانة، وجرت الضغوط لاطلاقه حيث تنافس بعض النواب على نقله بسياراتهم، حيث استقبل في طرابلس بجو احتفالي.
وتشير الاوساط الى ان اطلاق المولوي افسح في المجال لتنامي الخلايا التكفيرية في الشمال على خلفية وجود سقوف سياسية تحميها في زمن الشدة، الا ان التطورات الميدانية ووقائع الشارع اثبتتا ان التكفيريين ابتلعوا الطبقة السياسية في طرابلس وان الذين سعوا الى اطلاق المولوي باتوا تحت رحمته، ولعل البارز ان المذكور وفق الهمسات، في الشارع الفيحاوي عاد من مخيم سعين الحلوة» لينتقل بين الاسواق الداخلية في طرابلس ومنطقة البداوي منذ اسبوعين، وليعود بسحر ساحر الى المخيم المذكور بعد رواج الخبر ما يدل على ان ثمة دعما لوجستيا له عبر خلايا عنقودية تحسن قراءة طريقة تنقلاته بعيدا عن العين الامنية، وكما المولوي كذلك الجندي الفار عاطف سعد الدين الذي وفق التسريبات غادر جرود عرسال الى منطقة عكار وهو من بلدة خربة داود التي باتت «امارة داعشية» بامتياز ومن يجرؤ على التهجم على التنظيم التكفيري تحرق سيارته ليلا ويتم اطلاق الرصاص على منزله، وان حالة المولوي وسعد الدين ان دلت على شيء فعلى موسم زاهر للعمليات الارهابية المرتقبة كون عملية رأس السكة في الضاحية الجنوبية ليست الاولى ولن تكون الاخيرة وفق المشنوق…