بمقدار ما كان شهر تموز مليئا بالمواعيد والمحطات والإستحقاقات، بالمقدار عينه يبدو شهر آب خاليا من أي موعد بارز أو استحقاق. فقط موعدٌ واحد محدد سلفا لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهذا الموعد هو اليوم، أما ما عدا ذلك فمواعيد روتينية لمجلس الوزراء لا تُقدّم أو تؤخّر لأن جلسات مجلس الوزراء أصبحت جلسات للنكايات والمماحكات بدلاً من أن تكون جلسات للمناقشات للخروج بقرارات صائبة.
***
يتقدّم شهر آب فيتحرّك الوزراء والنواب وكبار الإداريين في اتجاه عطلاتهم، والمتابع للنشاطات الوزارية والنيابية يجد ان أكثر شيء يعمد الوزراء والنواب الى تنظيمه هو العطلات والإجازات، فلا يضيعون الوقت والأيام، كما يحصل عند ممارسة مهامهم الوزارية والنيابية، وهكذا سيكون المواطن اللبناني العادي في شهر آب تحت رحمة، لا بل كابوس، المعطيات التالية:
لا أحد من المسؤولين ممن سيذهبون في عطلاتهم سيهتم بأزمة الكهرباء، حيث هُم في عطلاتهم، ليس هناك من أزمة كهربائية ولا تقنين، اذاً هُم مرتاحون فيما اللبنانيون سيعانون الأمرّين من جرّاء آب اللهاب.
وما ينطبق على الكهرباء ينطبق على النفايات التي عادت الى الشارع، والخشية أن تعود فتتراكم بأسوأ مما كانت عليه، وهذه المرّة لن تكون هناك حلول مؤقتة، فإما حلول دائمة وإما ان الكارثة ستقع. لكن المشكلة ان الأزمة ستستفحل بحيث ان المواطن العادي سيعاني مضاعفات فيما المسؤولون هم على سفر وبعيدون، إما في الجزر السياحية وإما على اليخوت وإما في الفنادق الفخمة مع الأصدقاء والأصحاب، أما المواطن اللبناني العالق هنا فقدره أن يعيش تحت رحمة التقنين وتحت رحمة الروائح الكريهة، فلا قدرة له على السفر كما يسافر كبار القوم من السياسيين.
هنا يتبادر الى الذهن السؤال التالي:
إذا كان آب سيمضي كما مضى تموز، فكيف سيتحمّل المواطن تراكم المشاكل في شهر أيلول؟
المعروف عن شهر أيلول انه شهر الاستحقاقات المعيشية الداهمة على كل المستويات: من المدارس والجامعات وأقساطهما الباهظة، الى ترتيب أوضاع العمل الى تنظيم أوضاع الناس حتى انتهاء السنة على الأقل، لكن ما هو ظاهر في الأفق يُنبئ بخريفٍ قاسٍ بدأت ملامحه تظهر من الآن:
تقارير شركات الدراسات تُظهر انّ هناك عجزا كبيرا لدى المواطنين لتوفير الإستحقاقات المدرسية من أقساط وغيرها، وهذا ما يجعل الكثير من الأهل يتوجهون الى المدارس الرسمية التي يبدو انها غير قادرة على استيعاب الكم الهائل من نزوح طلاب المدارس الخاصة اليها، يُضاف الى ذلك ان قضية طلاب النازحين السوريين تُلقي بثقلها على الملف التربوي برمته.
***
الأزمة متمادية… آب يورِث الملفات الى أيلول، وأيلول طرفه بالتراكمات مبلول.