IMLebanon

أيّها السياسيون… من أين لكم هذا؟!

 

جلجلة النهب والهدر…هل يوقفها اقتراح استرداد الأموال؟

 

البنود “الإصلاحية” القليلة التي تجرّأت الحكومة على طرحها في ورقتها على وقْع هدير هتافات المنتفضين الذين يفترشون الشوارع منذ سبعة أيام، لم ولن تشفي غليلهم. وبرزت من بين بنود تلك الورقة اقتراح قانون استرداد الأموال المنهوبة، الذي سبق ان أعدّه “حزب 7” منذ أكثر من عامين وفق معايير عالمية، ولما تمّ عرضه على النواب لتبنّيه لم يحظَ إلا بتأييد من النائب سامي الجميّل الذي طرحه على مجلس النواب في العام 2017، لكنه نام وكما سائر الملفات الملحّة لمكافحة الفساد في الأدراج.

 

منذ نحو أربعة أشهر تقدّم تكتّل “لبنان القوي” بمشروعَي قانون، الأول لمكافحة الفساد والثاني لاستعادة الأموال المنهوبة. ولكن مشروع القانون الأخير يشمل موظفي القطاع العام ولا يمسّ بحقوق السياسيين والنواب والوزراء والرئاسات الثلاث (الجمهورية ومجلسَي الوزراء والنواب)، ونام بدوره نومة أهل الكهف.

 

إلا أنه وعلى وقع تظاهرات الشارع والدعوة ليس فقط الى محاسبة المسؤولين والسياسيين بل استعادة الأموال المنهوبة، أُعيد هذا الطرح الى طاولة البحث والمطالبة بإقراره. ما يطرح تساؤلات حول إمكانية تطبيقه في بلد المحاصصات السياسية والطائفية بعيداً من العدالة الإجتماعية والمحاسبة والمساءلة.

 

وعن جواز رفع السريّة المصرفية عن السياسيين و”الرؤساء”، تشرح رئيسة جهاز الشؤون التشريعية في حزب “الكتائب” المحامية لارا سعادة لـ”نداء الوطن” أن “تطبيق إقتراح حزب 7 ممكن لكن شرط تغيير الحكومة واستبدالها باختصاصيين كي لا يكونوا عرضة لأي تدخلات سياسية”.

 

وفي ما يتعلّق بملاحقة الأموال الموجودة في الخارج، توضح أنه “توجد آلية للتعامل عالمياً مع الإنتربول من خلال مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة، حيث تتم المحاكمة استناداً الى أدلة ووثائق وتحقيقات”. أما بخصوص موظفي القطاع العام وكيفية معرفة ما اذا كانوا خضعوا للرشوة وقيمتها، فترى سعادة ان ذلك يتطلّب “إما التبليغ عنهم أو من خلال التحقيقات وعمليات التحويل لحسابات كل منهم. فلجنة أو هيئة استرداد الأموال المنهوبة التي ستشكّل بحسب اقتراح القانون هي مستقلّة وتتألف من قضاة وخبراء واختصاصيين في القطاع المصرفي… ويمكنها ملاحقة ليس فقط الموظفين الإداريين في الدولة بل المسؤولين السياسيين الذين نهبوا أموال الدولة في لبنان والخارج”.

 

رفْع السرّية المصرفية

 

إن ملاحقة الأموال المنهوبة تستوجب رفع السرّية المصرفية عن الأشخاص الذين ستتمّ ملاحقتهم وخصوصاً عن السياسيين، فهل يجوز كسر تلك المحرّمات؟

 

يقول رئيس منظمة “جوستيسيا” المحامي بول مرقص لـ”نداء الوطن” إن “القانون رقم 44 الصادر في العام 2015 والذي ينصّ على مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، يحدّد في المادة 2 منه الجرائم التي على أساسها يمكن رفع السرّية المصرفية، ومن بين هذه الجرائم بند اختلاس الأموال العامة. على أساس هذا البند، يمكن لهيئة التحقيق الخاصة لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب لدى مصرف لبنان أن تتحرّك، بناءً على تحرّك النيابة العامة التمييزية، لتطلب من المصارف العاملة في لبنان رفع السرّية المصرفية عن عدد من حسابات السياسيين والموظفين في القطاع العام”.

 

أما عن إمكانية رفعها عن حسابات السياسيين المتّهمين بسرقة المال العام والفساد في المصارف الأجنبية، فيشير مرقص إلى أنه “يمكن لهيئة التحقيق الخاصة مراسلة وحدات الإخبار المالية، أي نظيراتها في الخارج، وأن تطلب منها إفادتها عن أي أرصدة أو موجودات لهؤلاء في الخارج”.

 

اذاً، من حيث المبدأ، إن إسترداد الأموال المنهوبة أمر ممكن اذا ما تمّ نفض البلد، وتنحّى “الحكام الحاليون”، وتمّت محاسبتهم ومساءلتهم “من أين لكم هذا؟!”، لأن الحكومة الحالية كما سائر الحكومات “ناهبة أموال اللبنانيين” وتحمّلهم عبء العجز في المالية العامة وتثقل كاهلهم بالضرائب.

 

“الخطة التقشّفية” التفصيلية المطلوبة، لم ترَ النور بعد، وإذا ما أمعنّا النظر في موازنة 2019 تتبيّن لنا أرقام مخيفة في خانة النفقات، إذ بلغت على سبيل المثال قيمة النفقات الطارئة والاستثنائية 250 مليون دولار، إعلانات مطبوعات وعلاقات عامة رُصد لها مبلغ 28 مليون دولار، و5.7 ملايين دولار لوازم مكتبية، قرطاسية للمكاتب 4.7 ملايين دولار، أعياد وتمثيل 4.2 ملايين دولار، رواتب مستشارين 1.7 مليون دولار، مكافآت 4 ملايين و700 ألف دولار، بدلات أتعاب 30 مليون دولار، تقديمات زواج 8 ملايين دولار… وحدّث بلا حرج.