IMLebanon

ماذا يريد الشّيعة في لبنان؟!

 

تعبنا وتعب اللّبنانيّون من طرح النّظريات وسرد السّرديات وتوضيح الأهداف والغايات، ولكلّ فريق أدبياته وقرائنه واستدلالاته ولكلّ جمهور مؤيّدون من مختلف المناطق والطّوائف!

هناك فريقان يختلفان على عنوان مركزيّ وهو المقاومة وسلاحها وتحت هذا العنوان تتفرّع كلّ الخلافات الأخرى.

 

يدّعي فريق «ضدّ المقاومة» بأنْ لا إمكانيّة للمساكنة بين السّلاح والدّولة وبأنّ سطوة السّلاح تمنع اللبنانيين الآخرين من ممارسة حياتهم والحفاظ على هويّتهم والاحتفاظ بخصوصيّتهم، وبما أنّ نزع السّلاح غير ممكن، وصل بعضهم بمخّه التّنويري إلى فكرة «ما بتشبهونا» وطرح نظريّة «الطّلاق» ثمّ تطوّر العقل الإبداعي لديه ليصل إلى فكرة «حلّ الدّولتين»!

رحم الله «ابن خلدون» حيث قال منذ ثمانية قرون: عندما تنهار الدّول… «يضيع صوت الحكماء في ضجيج الخطباء ويسود الهرج في الأسواق والمزايدات على الإنتماء ومفهوم القومية والوطنية والعقيدة وأصول الدين ويتقاذف أهل البيت الواحد التهم بالعماله والخيانة..!».

بالعودة إلى فريق المقاومة وطرحه المضادّ، نجد في واقعه المُعاش نماذج حيّة يمكن تقديمها كدليل حسّيّ على إمكانيّة تحقيق نظريّته، مقابل الضّخّ الإعلاميّ التّضليليّ الّذي يعتمده الفريق الآخر، منها على سبيل المثال لا الحصر:

أوّل من أمس، في مدينة صور، بينما كان رئيس أساقفة صور للموارنة المطران شربل عبدالله يلقي كلمة تعايش ومحبّة في مجلس عاشوراء الّذي تقيمه حركة أمل في ساحة الإمام الصّدر، كان شبّان وصبايا مسيحيّون، كما أخوانهم الشّيعة، يقيمون مضيفاً لتوزيع العصائر والحلوى على حبّ الحسين، وفي الوقت ذاته كان شاطئ المدينة يعجّ بالمواطنين الصّوريين وزوّارهم من لبنان وخارجه، من السّنّة والشّيعة والدّروز والمسيحيين، وبالتّزامن أيضاً، كان المقاومون على الجبهة يقومون بواجب الدّفاع عن لبنان ومساندة أهلنا في غزّة.

لا الشّيعة «أكلوا المسيحيين» ولا المسيحيّون استفزّتهم طقوس الشّيعة، ولا أهل المجالس اتّهوا أهل الشّواطئ بالكفر والفساد ولا أهل الشّواطئ قالوا عن أهل المجالس «ما بيشبهوها»، والمقاومون على جبهتهم يحمون بدمائهم المسيحيين والمسلمين وأهل الشّواطئ وأهل المجالس على السّواء!

لو ترك الأمر للنّاس لعاشوا حياتهم واختلافهم بأمان وسلام، لكنّ بعض السّاسة مصرّون على تسييس الدّين مستغلين طيبة المواطنين، وليتهم فعلوا كما الإمام موسى الصّدر الّذي قال وفعل: «نريد تديين السّياسة وليس تسييس الدّين»، كنّا في دولة حلم فيها الإمام: «دولة الإنسان وطائفتها الله»..