أثبتت مدينة جونيه مرّة جديدة تمسّكها بحقها الديموقراطي في صناديق الاقتراع، فتهافت شبابها وشيبها باكراً الى مراكز الاقتراع الموزعة على ثانوياتها الأربع، وتخطّت نسبة المقترعين الثلاثين في المئة قبل الأولى بعد الظهر، ولم يمنع لهيب الشمس المتحمسين من مزاولة حقهم الانتخابي والتزامهم إيصال ممثليهم الى بلدية المدينة الأحبّ الى قلوبهم، وعلى حد قول أحدهم: «قد يكون يوم الاحد بالنسبة للمسيحيين يوم راحة وصلاة، الّا انّ اليوم تحديداً بالنسبة الى أبناء جونيه الأوفياء هو يوم عمل والتزام يشبه تماماً واجب تأدية الصلاة».
صناديق الاقتراع فتحت عند الساعة السابعة بعد وصول كافة المندوبين الى ثانويات جونيه، وهي اربع ثانويات تتوزع على الشكل التالي:
ثانوية حارة صخر التي يقترع غالبية مناصري عائلة آل افرام فيها.
وينتخب في ثانوية غدير عائلة آل الخازن وآل البون، وغالبية مؤيديهم وأقاربهم تصبّ اصواتهم جميعاً في هذه الثانوية، امّا ثانوية ساحل علما فتفرّدت بثقل الاصوات الداعمة للائحة المنافسة وهي «كرامة جونيه»، التي تصبّ أصواتها بشكل إجمالي لصالح المرشح جوان حبيش.
امّا الثانوية الرابعة فهي ثانوية صربا القريبة من كنيسة مار جرجس، وتتوزع اصوات المقترعين فيها ولا يمكن حصرها لصالح مرشح واحد اذ انّ أصوات المقترعين فيها متنوعة وتتوزع بين انصار حزب «القوات اللبنانية»، «التيار الوطني الحر»، «الكتائب»، «الاحرار» وغيرهم من العائلات التي قد تؤيد استنسابياً باقة من مختلف المرشحين.
وبالتالي، كان من الممكن أمس تَلمّس التزام الناخبين في جونيه باللوائح المكتملة في الثانويات الثلاث، وحتى كان من الممكن التقدير حسب المشاهدات وبعد استمزاج الآراء النتيجة شبه الحتمية للأرقام الفاصلة للمعركة في تلك الثانويات، فيما وجدنا صعوبة في معرفة او تحديد هوية اللائحة المرجحة للفوز في ثانوية ساحل علما بعدما شاعت أقاويل بأنها هي التي ستحسم فوز إمّا «لائحة جونية التجدد- مسيرة عطاء» او اللائحة المنافسة «كرامة جونية».
الّا انّ الاقاويل كانت متنوعة ايضاً، فأثناء جولتنا لم تسلم اللائحة من اتهامات الفريقين، الّا انه وحسب مشاهداتنا على الارض كان لتواجد مندوبي لائحة «جونيه التجدد مسيرة عطاء» كثافة منظورة ولافتة، وحاولت حضّ أبناء جونيه الذين ينتظرون دورهم على أبواب مراكز الإقتراع على التغلّب على أشعة الشمس.
ثانوية غادير
وصول النائب السابق منصور البون عند التاسعة والنصف الى ثانوية غدير حرّك المشهد الحار، فدغدغ الناخبين بحديثه المختصر وهو المعروف عنه قلّة التصريحات، فنفى الشائعات التي تحدثت عن توزيع أصوات مؤيديه الى اللائحتين فكان حازماً جازماً ومختصراً، وبكلمتين أنهى النقاش فقال: «جئتُ أنتخب المحبة في الصندوق»، داعياً أنصاره الى «انتخاب اللائحة الوحيدة الملتزمة مبدأ المحبة وليس الحقد».
افرام: «شوفو لبعيد»
من بكركي، وصل عند الثانية عشرة ظهراً رئيس «المؤسسة اللبنانية للانتشار» نعمة افرام بعد مشاركته في قداس عيد العنصرة الى ثانوية حارة صخر، وبدا مرتاحاً ومتفائلاً.
وبغصّة تأسّفَ على عدم زيارة الجنرال ميشال عون مقر اللائحة المنافسة التي يؤيّدها، قائلاً: «للجنرال في قلوب أهل جونيه محبة هو يعلمها جيداً، الّا أننا استغربنا تصاريحه لأننا لم نعلن معارك انتخابية او سياسية، فنحن أعلنّا حروباً إنمائية، وبإذن الله وفي يوم العنصرة أنا واثق من الربح». وأبدى افرام رضاه على نسبة الاقتراع وعلى التزام أوفياء المدينة في الاقدام على التصويت للائحة بكاملها.
وعن المال الذي تكلّم عنه عون والقادم من أدغال افريقيا، قال افرام: «الجميع يعلم انّ عائلة افرام ليست بحاجة لأحد لمساعدتها، فأهلي يعرفونني وانا اعرفهم. ونقول لأهل جونيه «شوفو لبعيد»، ونحن راضون عن تصرفات «القوات اللبنانية» على الأرض ولو التزمَت الصمت، ولدينا خمسة من اعضائها ضمن لوائحنا».
وأضاف: «لا أعتقد انّ المعركة اخذت بعداً سياسياً، إنما هناك أشخاص مستفيدون يريدون إعطائها هذا البعد وهم مضللون. فالأفكار الشريرة تُبعد الناس عنها، بينما الافكار المُحِبّة تجمع. وفي عيد العنصرة الروح الطيبة ستدخل الى القلوب، وأنا واثق بأنها ستؤدي مفعولها ونراها في الصناديق، وهذه الانتخابات هي انتخابات الخير وليس الانتقام، وهي ليست لتدمّر إنما لتعمّر.
من جهته، وصل حبيش في العاشرة الى ثانوية ساحل علما، داعياً ناخبيه الى «النزول بكثافة للتصويت للائحة كرامة جونيه».
فريد هيكل الخازن
من جهته، أكد النائب السابق فريد هيكل الخازن، الذي رافقه النائب منصور البون والمهندس نعمت افرام قرابة الواحدة الى ثانوية غدير، أنه «يعوّل أهمية على قلم غدير». ودعا المقترعين الى «إنزال اللائحة مكتملة لأنّ الاسماء المشاركة فيها كفوؤة»، طالباً من أهل غدير «وضع ثقلهم في هذه المعركة لا سيما انّ رئيس البلدية الاستاذ فؤاد البواري من غدير، وهو معروف بنزاهته وكفاءته».
وعن نائب الرئيس المرشح فادي فياض، قال: «البواري وفياض يجمعان الخبرة والتاريخ وروح الشباب، وهما يكملان بعضهما».
وفي جولة لـ «الجمهورية» على مراكز الاقتراع، إلتقينا السيدة نبيلة شمعون في قلم حارة صخر التي عبّرت عن فرحتها باليوم الانتخابي وعن ثقتها بالفوز، وقالت: «أدعم لائحة «مسيرة جونيه تجدد وعطاء» لأنها تحوي بيوتاً عريقة وعائلات جونيه الأصلية».
وأشادت بعائلة افرام الداعمين الأساسيين للائحة التي تؤيدها، قائلة «إنهم يساعدون بصمت ويُنجدون الفقراء ويعلّمون الشباب في المدارس مجاناً ويضحّون بالكثير، والعوائل في جونيه تعلم هذه الحقائق ومن المعيب على الشيخ جوان حبيش القول عن نعمة افرام انه لا يصلح أن يشغّله ناطوراً في منزله». معلنة «تأييدها افرام والخازن والبون في جونيه على رغم حبها للجنرال عون».
وقالت: «نحن لا نقبل إذلال رئيس المؤسسة المارونية للانتشار في معقل المسيحية وفي صلب منطقته، وفَشروا. امّا بالنسبة الى دفع الاموال فأكدت انّ «حبيش اعترف بنفسه على الهواء بأنه سيدفع الاموال، امّا نحن فسندفع من محبّة العالم التي ساعدناها في المدارس والانماء وسنصرفها ايضاً في الصناديق، وهم سيردّون لنا الجميل».
الّا انّ احد المرشحين على لائحة كرامة جونيه، الدكتور زياد شاهين، استفزّته كثافة المندوبين لـ»لائحة جونيه التجدد مسيرة عطاء»، كاشفاً لـ«الجمهورية» انّ مندوبي لائحة «كرامة جونيه» وجدوا صعوبة في مركز البلدية عند الاستحصال على إفادات وقد عرقلت لأكثر من ثلاث مرات من القائمقامية، فيما سهّلت البلدية الأمر للائحة المنافسة».
يبقى القول انّ التهميش السياسي بلغ ذروته حتى الرابعة في جونيه، كذلك بلغت نسبة الاقتراع ذروتها إذ فاقت الـ 44% قرابة الساعة الثالثة، فيما زادت حماسة أهل جونيه لإيصال أصواتهم بعد أن تحوّلت المعركة سياسية بامتياز، وبعدما عَلت أصوات تنادي بعدم وجوب إسقاط عون وكسره في جونيه وإنّ المعركة لم تعد إنمائية، الأمر الذي نَفاه حتى مناصرو «التيار الوطني الحر» والمؤيّدون للائحتين.
وفي ساعات الصباح الأولى تقاربت النتيجة بين اللائحتين وانتهت بفوز صعب للائحة “كرامة جونية”.