ليس ما يدور في اجتماعات المجموعة الدولية لدعم سوريا سوى الوجه الآخر لمقولة كلاوزفيتز: استمرار للحرب بوسائل أخرى. فالرئاسة الروسية – الأميركية للمجموعة تتحرك على إيقاع ما تفعله موسكو عسكرياً على الأرض وسياسياً في الكواليس، بحيث يرفع جون كيري الصوت قليلاً ثم يقترب من موقف سيرغي لافروف. وبقية الدول في المجموعة هي من ثلاث فئات: فئة الدول المنخرطة في الحرب مباشرة أو بالواسطة. فئة الدول التي تتحمّل أعباء ملايين النازحين السوريين. وفئة الدول التي تعمل كل ما يمكن لإبعاد النازحين عنها وابقائهم حيث هم والمطالبة بتوطينهم ما دامت الحرب طويلة والعودة الطوعية مؤجلة والعودة الآمنة التي يطلب لبنان ايرادها في النصوص محل جدل دولي.
والمعادلة لم تتغيّر، بصرف النظر عن بيانات المجموعة وأقوال القيادات وقرارات مجلس الأمن: كل الكلام على الحل السياسي، وكل الشغل على الحل العسكري. فلا بديل، حتى اشعار آخر، من حرب سوريا. إذ هي تخدم مصالح عدد كبير من اللاعبين، وان كان الشعب السوري هو الضحية. ولا مجال لأن يسجل أي طرف نصراً حاسماً في الحرب، وسط الشعارات الايديولوجية المرفوعة لتغطية الصراع على السلطة وتكبير الأهداف الاستراتيجية في لعبة جيوسياسية. والبيانات التي يدير الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا المحادثات غير المباشرة على أساسها لترتيب تسوية سياسية لم تعد تعكس صورة الواقع المتغير.
ذلك ان المسألة تتجاوز الخلافات على تفسير بيان جنيف-١ وبيانات ميونيخ وفيينا وقرار مجلس الامن ٢٢٥٤ الى الفارق بين كل التفسيرات والتعابير المستخدمة وبين ما صار يتحكم بالأوضاع في سوريا. فالاطار الذي توضع فيه التسوية السياسية، سواء كانت الصورة لهيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة أو لحكومة موسعة من موالين ومعارضين ومستقلين، هو اطار ثنائية نظام ومعارضة. وهذا لم يعد مطابقاً للوضع الذي كان في بداية التظاهرات السلمية ثم الحرب، بعدما تكاثر عدد التنظيمات المنخرطة في الحرب سواء الى جانب النظام أو ضده وضد المعارضة المعتدلة.
والكلام الدولي الرسمي على حل سوري – سوري بقيادة سورية من دون تدخل خارجي، هو كلام سوريالي عملياً. اذ عدد السوريين المشاركين في الحرب الى جانب النظام والمعارضة صار اقل بكثير من عدد المشاركين من غير السوريين والتابعين لدول أو تنظيمات لكل منها أجندة مختلفة عن اي حل سياسي سوري. فضلاً عن ان الدول التي تشارك في الحرب، وتتحرك تحت عنوان التسوية ليست جمعيات خيرية تقدم الخدمات للسوريين. فهي عملت على توظيف النظام والمعارضة وداعش والنصرة وبقية التنظيمات الارهابية.
واللعبة المعقدة مستمرة.