Site icon IMLebanon

التلوّث يضرب لبنان… وحشرة إستوائية تُهدِّد غاباته

دخل لبنان في التغيّر المناخي العالمي الخطير وأصبح ضمن الكتل الهوائية الحارّة، فدرجاتُ الحرارة المرتفعة حالياً مغايرة كليّاً لما كانت عليه في السنين الماضية، الأمر الذي تسبّب بدخول الحشرات الإستوائية اليه لتفتك بغاباته، فضلاً عن تزايد التلوّث نتيجة مكبّات النفايات العشوائية، والذي يضرب البلد بحراً وبراً وجواً.

غاباتُ لبنان مهدَّدة بتدميرٍ خطيرٍ جداً هذه الأيام نتيجة حشراتٍ فتّاكة تهاجم أشجارَ الصنوبر والسنديان والزيتون مدمِّرةً الكثير من غابات السنديان في أماكن عدة، وذلك بسبب تأخّر هطول الأمطار السنة الفائتة لنحو 88 يوماً عن الموعد المعتاد، ما أذّى الى يباس أشجار ضخمة فنخرتها حشرةٌ إستوائية هي عبارة عن دودة بيضاء تتغلغل داخل جذع الشجرة فتتآكله وتتسبّب بيباسها في خلال شهر. وهذه الدودة تنتقل سريعاً من شجرةٍ الى أُخرى، بعد ان تتحصّن في مركز تخزين خاص بها.

رئيسُ حزب البيئة العالمي دوميط كامل تحدث الى «الجمهورية» فقال: «إننا بدأنا أبحاثاً ودراساتٍ كبيرة لمعالجة هذه الأزمة البيئية الخطيرة وباشرنا مكافحة هذه الحشرة في بلدياتٍ عدّة بعدما شوهدت بالعين المجرّدة وتمّ رصدُ حركتها لمعرفة ماهيّتها فوضعنا خطةً علمية لمكافحتها، تحديداً في مناطق بيت مري، فرن الشباك، الدكوانة وعمشيت».

ويطالب كامل الدولة بتبنّي هذه الخطة العملية «لأنها الوحيدة التي أثبتت أنّ نتائجَها فعّالة»، منبّهاً الدولة الى «أنّ العمل على الأرض مضنٍ جداً ومكلفٌ جداً وتلزمه خبرة، فيما أشجار لبنان وغاباته متروكة، لا تعالجها الدولة منذ زمن سوى بطرقٍ عشوائية وهي حاليّاً مزنّرة بالأشواك ما يحول دون الوصول اليها».

والى ذلك يوكد خبراءُ بيئيّون «أنّ الدولة الى الآن لم تتعامل بعد مع هذه الآزمة بالشكل المطلوب، في وقتٍ يجب عليها الطلب من الهيئة العليا للإغاثة وضع خطة طارئة لتمويل خطط العمل وتجنيد الوزارات كلها بدءاً من وزارة الداخلية وصولاً الى وزارتَي البيئة والأشغال لحلّ هذه الأزمة».

وحسب هؤلاء الخبراء فإنّ «هذا الوضع إذا لم يعالج سيُدمّر لبنان الأخضر ولن يعود أخضرَ بوجود هذه الحشرات التي تُعتبر الأخطر والتي لم تدخل لبنان منذ آلاف السنين، فغزوتُها ستدمّر غابات لبنان ككلّ، والخطير هو أنها وصلت الى أشجار السرو في عدد من المناطق وتحديداً في المتن والجنوب. والخوفُ الأكبر هو أن تصل الى غابات الأرز.

خطةٌ طارئة

ويقول رئيس حزب البيئة العالمي لـ«الجمهورية» إنّ «المكتبَ جاهزٌ لتقديم أفضل وأحدث خطة مواجهة ومكافحة غير تجارية لأنّ الوقت يدهم لبنان وحان وقت العمل الحاسم الجدّي».

النفاياتُ برّاً وبحراً

هذا وكأنّ لبنان كانت تنقصه كارثة الطبيعة لتُضاف الى كارثة النفايات التي تبقى عقدةَ العقد بعد أن تسبّبت في مكب برج حمود بروائحها وسمومها بأمراض غريبة وفيروسات غير مألوفة وكارثية على المواطنين.

وتُرمى النفايات في البحر عشوائياً بلا معالجة، ما يمكن أن يؤدّي الى غازات في جوف البحر من شأنها أن تُحدث انفجاراتٍ خطيرة وسامّة لأنّ النفايات العضوية تتراكم وتتخمّر بغازات خطيرة يمكن أن تنفجر في أية لحظة.

ويشير المتابعون الى «أنّ هناك 60 مجروراً رئيسياً للصرف الصحّي والصناعي تصبّ في البحر بلا معالجة، في ظل التيارات الهوائية والمائية. فعند المصبّ الرئيسي في طبرجا بيتش هناك تيارٌ مائي لديه اتجاهان، الهواء الشمالي الجنوبي يوصله الى الصرفند وشواطئ المناطق المجاورة.

أما إذا كان معكوساً فيمرّ بعد عمشيت ويصل الى البترون. ولمَن يجهلون عِلم التيارات المائية والهوائية وسبلَ التعامل معها فليس مسموحاً تسليمهم مراكز درس آثار بيئية خصوصاً أننا في عصر الأبحاث والعلم».

ويتساءل هؤلاءُ الخبراء: «مَن هي المرجعية التي اتّخذت قراراً بردم البحر بالنفايات وبكميات كبرى؟». فالنفايات التي تُرمى في مكب برج حمود باتت تلوّث شاطئ ضبية ما يعرّض الثروة السمَكيّة للتسمّم.

وإذ يتساءل المتابعون عن كمية النفايات السامة المطمورة في المياه، يؤكدون أنّ الدراسات تشير الى أنّ الوضع البيئي في لبنان متدهور ويستوجب دقّ ناقوس الخطر، فلا أحد مهتم وجميعهم يلهون بالقانون وبالسياسة وبالمناصب، فيما يأكلون من الفاكهة الملوّثة التي تنبت من الصرف الصحّي والتي ستدمّر حياة الجميع».

ويكشف الخبير البيئي كامل عن وضع خطة بيئيّة لنهر الليطاني تقضي بتعقيم النهر ليُعالَج بطرق بسيطة الى حين توافر المعالجة التامة. ويلفت الى أنّ «الحاصل في الليطاني هو أنهم قرّروا تنفيذَ محطة الصرف الصحّي الخاصة بزحلة واكتفوا بهذا القرار في الوقت الذي لدينا 130 مجروراً تصبّ مباشرة في نهر الليطاني ليصبح بمجمله مجروراً مكشوفاً فكيف يمكننا معالجته في هذه الحال؟».

ويلفت الخبراء الى «أنّ لبنان عندما كان يسكنه مليونا مواطن لم تكن هناك مشكلة، انما بعد أن أصبح يسكنه 7 ملايين من دون استراتيجية بيئيّة فهناك خطر مقبلٌ حكماً. فالمياه الجوفية باتت ملوّثة والمواطنون يعبّئون الصهاريج منها وتُدار هذه المياه على أسطح البيوت وتُغسَل الخضار والفاكهة بها وكذلك تُستعمل للاستحمام، حتى إنها تُستعمل في تنظيف الأسنان.

ولذا المطلوب من وزارتَي الصحّة والبيئة الكشف الفوري على هذ الموضوع، خصوصاً أنّ المعلومات تكشف أنّ الخضار لا سيما منها البقدونس والخس وكل الأوراق الخضر تُرش بمواد سامة بحجة الحفاظ عليها وإبعاد الحشرات عنها فيأكلها المواطنون ويقع المحظور.

وعن تلوّث البحر، يلفت الخبراء الى «ضرورة إنشاء محطات تكرير، علماً أنّ هناك محطاتٍ أُنشئت منذ عام 2003 في مناطق كثييرة ولكنها لا تعمل، ومنها محطات شكا وأنفة وجبيل وهي جاهزة للعمل، إلّا أنها متروكة حتى الساعة، ومحطة زحلة إحداها، أما الأسباب فهي مجهولة، علماً أنّ مبالغ ضخمة صُرفت لهذه المحطات وهي تراوح بين 15 الى 20 مليون يورو، غير أنّ لا أحد يسأل أو يحاسب».

وتعلو الآن اصواتٌ مطالِبةً الوزارات باتّخاذ قرارات حاسمة لأن ليس في لبنان استراتيجية بيئية، في حين أنّ خبراء البيئة جاهزون لتقديم أحدث خطة استراتيجية بيئيّة مجاناً وهم جاهزون لتنفيذها والاشراف عليها. مؤكدين أنه تم «وضع الخطط الإصلاحية للدولة اللبنانية» وأنهم «مستعدّون لتقديمها بلا مقابل»، ولا سيما منها «خطة مكافحة الحشرات التي تهاجم الغابات».

لاسيما «مكتب البيئة العالمي الذين يعلن رئيسه أنه جاهز لتدريب العمال والبلديات والإشراف عليهم والتعاون معهم بشفافية، فهم قادرون على النجاح في كلّ لبنان إذا توقفت الصفقات والسرقات».