بصراحة، ومع التفاؤل بحزم السياسة الأميركية الحالية تجاه الخطر الإيراني الشامل، ونشاط وزير الخارجية مايك بومبيو، بهذا الصدد، فإن بعض الأسئلة حول نجاعة هذه السياسة تفرض نفسها بقوة.
الوزير الأميركي بومبيو ممتاز في وضوح رؤيته تجاه الخطر الإيراني، وسلامة تشخيصه لمنبع الداء السياسي بمنطقة الشرق الأوسط، وهو مهندس «مؤتمر وارسو» الأخير لحشد التحالف ضد إيران ومَن معها من جماعات الإرهاب، وحالياً قام بجولة شرق أوسطية لهذا الغرض، بدأها من الكويت التي أكد فيها بومبيو على ضرورة تشكيل «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي»، أو ما يُطلق عليه «الناتو العربي»، لجمع حلفاء الولايات المتحدة العرب ضد إيران.
وقال الوزير الأميركي، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الكويتي، الشيخ صباح الخالد الصباح، إن الولايات المتحدة ودول الخليج تواجه تهديدات مشتركة من «تنظيمات جهادية»، ومن إيران.
هذا كلام لا غبار عليه، ويجب على كل متضرّر من السياسات الإيرانية الخبيثة، وأولهم دولة الكويت نفسها (نتذكر «خلية العبدلي» مثلاً) مساندة جهود الوزير بومبيو ورئيسه ترمب، فنحن، أولاً، وليس واشنطن، المستفيد الأساس من هذا العزم الأميركي. وتلك قصة أخرى على كل حال!
لكن، في المؤتمر نفسه، نجد بومبيو مع نظيره الكويتي يدعوان لإنهاء الأزمة الخليجية بين قطر وثلاث دول خليجية، بالإضافة إلى مصر. وقال بومبيو إن النزاع «ليس من مصلحة المنطقة، وليس في مصلحة العالم». وأضاف: «لدينا جميعاً التهديدات نفسها» من «داعش» وتنظيم «القاعدة»، وحتى إيران. طبعاً الوزير الكويتي شكر الجهود الأميركية لحل الأزمة القطرية، قائلاً «نقدّر جهود الولايات المتحدة في حل الأزمة… ولدعمها جهود الوساطة التي يقودها أمير البلاد».
السؤال: هل سياسات قطر الحالية «تساند» الجهود الأميركية – العربية لمحاصرة وإنهاء النشاط الإيراني الخبيث في دعم الفتن والإرهاب بالمنطقة؟
لماذا قاطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر دولة قطر؟ هل بسبب خلاف على الحدود، أو «زعل» شخصي مثلاً؟
بالضبط، «الرباعية العربية» قاطعت قطر لهذا السبب نفسه الذي يدعونا من أجله بومبيو للاحتشاد ضد إيران، وهو دعم الإرهاب وجماعاته، ونشر الفوضى في المنطقة، عبر تسخير الجهود الإعلامية، وتوفير التمويل والدعم السياسي لهذه الجماعات المنتجة للفوضى، مثل جماعة «الإخوان» والجماعة الحوثية وكل صُنّاع الشر.
بصراحة، كلام بومبيو وتصورات نظيره الكويتي، مع كامل التقدير، ليست متلائمة ومنسجمة مع بعضها.
جَعْل قطر تكفُّ عن الاصطفاف الظاهر والباطن، مع إيران، وحلفاء إيران، كـ«الإخوان»، هو في صلب الرؤية الحقيقية لإنهاء الخطر الإيراني.
….. واضحة القصة؟