Site icon IMLebanon

بومبيو للحريري: تحمّلوا مسؤوليّاتكم أو ترقّبوا الانهيار

 

تشير التقارير الواردة من واشنطن وعلى نحو مؤكد، أنّ مسار العقوبات المالية على “حزب الله” مستمر ولن يتوقف، وسيأخذ أبعاداً جديدة تتصل بإجراءات مالية وسياسية تطال مؤسسات وأفراداً، ممن تدرجهم وزارة الخزانة الأميركية في سياق الداعمين لـ”حزب الله”، وهو توصيف يطال بحسب المصادر المتابعة لهذا الملف في واشنطن، الجهات السياسية اللبنانية الحليفة لـ”حزب الله”.

 

في هذا المناخ السياسي الاميركي، تأتي زيارة الحريري الى واشنطن، وهي الثالثة له كرئيس للحكومة إلى هذه الدولة، لكن هذه المرة يدخل الحريري بلاد “العم سام” مطمئناً الى أن الحكومة لن يستقيل منها لا “الثنائي الشيعي” ولا “التيار الوطني الحر” ولا وزير ملك أو أمير، كما جرى في زيارته الأولى في العام 2011 حين استقال هؤلاء، واقالوه من رئاسة الحكومة وهو يدخل عتبة البيت الأبيض.

 

رسالة من عون و”حزب الله”

 

ذهب الحريري هذه المرة الى واشنطن، مدركاً أنه رئيس حكومة في بلد على حافة الانهيار، ويحاول أن يحمي ما تبقى من دولة، بمزيد من محاولة إظهار أن الانهيار في لبنان سيكون انهياراً للدولة اللبنانية وليس لـ”حزب الله”.

 

ولا شك أن ما يحمله الحريري الى واشنطن، هو رسالة من حكومته الى الحكومة الأميركية، لها أبعاد تتصل بالعلاقة مع اسرائيل وبمسألة ترسيم الحدود ودعم الجيش اللبناني، وتحفيز الإدارة الأميركية لدعم تنفيذ مشروع سيدر، والجانب الأهم، وهي بحسب المعلومات تنطوي على إغراء بتحقيق تقدم في المفاوضات المتصلة بالحدود البحرية مع اسرائيل، بعد توقف غير معلن للمبادرة الأميركية بين البلدين، نتيجة شروط لبنانية وصفتها مصادر أميركية في حينه بأنها شروط لعرقلة التفاوض، حيث نقل عن المندوب الأميركي ديفيد ساترفيلد مطلع هذا الصيف، أن لبنان يعتمد سياسة وضع العراقيل والمماطلة في عملية التوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود مع اسرائيل.

 

الحريري حمل الى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو استعداد لبنان للتوصل إلى اتفاق، وهذا ما أبلغه الى خلف ساترفيلد، النائب الجديد لوزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر الذي يتوقع أن يزور لبنان مطلع الشهر المقبل.

 

تشير المصادر من واشنطن إلى أن الحريري يحمل معه تفويضاً من “حزب الله” على هذا الصعيد، وتلفت إلى أن رئيس الحكومة أكد للمسؤولين الأميركيين أن لا وجود لمصانع صواريخ دقيقة في لبنان كما تزعم اسرائيل، مشيرة إلى أن الحريري كان في موقفه هذا يتحدث باسم الدولة اللبنانية ومستنداً إلى معلومات مؤكدة لديه وصلته من “حزب الله” وأكدها رئيس الجمهورية ميشال عون.

 

وبحسب المصادر المتابعة في واشنطن، أن عشية زيارة الحريري الى واشنطن عُقد لقاء جمع الرئيس ميشال عون وقيادة “حزب الله” والرئيس الحريري، لبلورة الموقف اللبناني الرسمي الذي سيحمله الحريري الى واشنطن، وفيما لم تجزم المصادر بحصول اجتماع ثلاثي في بيروت بين الأطراف المذكورة، إلا أنها أكدت أن الحريري نقل رسائل غير مباشرة من “حزب الله” الى الأميركيين أبرزها ما يتصل بملف الحدود مع اسرائيل.

 

عقوبات على الطاولة اللبنانية

 

في اللقاء الذي جمعه بوزير الخارجية الاميركي وبحضور شينكر ووكيل الوزارة للشؤون السياسية ديفيد هيل، قدم الحريري مطالعة سياسية تتصل بأهمية العلاقات اللبنانية – الاميركية، وأشار إلى أهمية الدعم الذي يتلقاه لبنان من الناحية العسكرية والأمنية من الولايات المتحدة، وشدد على التنسيق الأمني على صعيد المعلومات في مواجهة الإرهاب. وركّز على البعد المتصل بالاستقرار في لبنان وأهمية ترسيخه، حيث أشار إلى أن لبنان دفع ثمن أزمات المحيط الذي ينتمي اليه، وأن مصلحة لبنان تتطلب حماية هذا الاستقرار سياسياً واجتماعياً واقتصادياً ومالياً، خصوصاً في ما يتصل بموضوع اللاجئين السوريين الذي يشكل وجودهم في لبنان عنصراً ضاغطاً على مالية الدولة واقتصادها، ولفت إلى ضرورة توفير كامل الشروط للحفاظ على الأمن والاستقرار على الحدود مع اسرائيل ومنع اي محاولة لجرّ لبنان الى حرب إقليمية.

 

الاجتماع الذي لم يتجاوز النصف ساعة، كان مسبوقاً باجتماعات تمهيدية عقدها مستشارو الحريري مع فريق وزير الخارجية، لكنه كان يعكس ايضاً موقفاً أميركياً متشدداً حيال “حزب الله”، حيث أشارت المصادر نفسها، إلى أن ملف العقوبات الأميركية لم يتبدل مع زيارة الحريري، وذهب المسؤولون الأميركيون بحسب ما نقلت مصادر عن مسؤول في “الخارجية الاميركية” شارك في الاجتماعات مع الوفد اللبناني، إلى أن الرئيس الحريري كان بين موقف العاجز في احسن الأحوال، والموقف الذي يحامي عن “حزب الله” بطريقة غير مباشرة في أسوأ الأحوال، وفي كلا الحالين، فإن واشنطن غير متفاجئة بواقع الحريري والدولة في لبنان، لذا هي ستستكمل خطواتها ضد “حزب الله” التي تصفها بخطوات الحرب على الارهاب.

 

ملف الحدود بقي مفتوحاًالانطباع الذي يخرج به المتابعون في واشنطن، عن نتائج زيارة الحريري، ليست مشجعة لجهة ما حمله رئيس الحكومة من أفكار تتصل بمحاولة تحييد الدولة اللبنانية عن مسار العقوبات الاميركية، وإن كان الأميركيون لمسوا نوعاً من عرض لدى الحريري بأن يكون في موقع من يقدم ضمانات تتصل بدور “حزب الله” في الداخل اللبناني ولا سيما على صعيد بعض النقاط المتصلة بالسلاح، فإن ذلك لم يلق آذاناً صاغية لدى الاميركيين، الذين يتوقعون من رئيس حكومة لبنان أن يكون حاسما بشأن سيادة لبنان وحماية سلطة الدولة وتطبيق القانون على الجميع. يبقى أن ملف الحدود مع اسرائيل هو الذي بقي مفتوحاً ولم يتم إغلاقه كما حصل في ملف العقوبات التي ستطال حكماً جهات في السلطة ومسؤولين ممن يعتبرون حلفاء لـ”حزب الله”، وتشير المصادر إلى ملف الحدود البحرية مع اسرائيل، حيث يرجح أن يكون مسار هذا الملف قد اتضحت معالمه بعد الزيارة التي سيقوم بها ديفيد شينكر الى لبنان.

 

الأهم مما قاله الحريري للاميركيين، هو ما سمعه من بومبيو ومساعديه، فالرسالة الأميركية الى لبنان عبر الحريري، أنتم تنقذون دولتكم وانتم من يمكن أن يدفعها إلى الانهيار، ويجب أن تتحملوا مسؤولياتكم في الدولة اللبنانية.