Site icon IMLebanon

بومبيو يزور بيروت بسياسة «العصا والجزرة»

 

يقول المثل العامي «المكتوب يقرأ من عنوانه»، وهذا الامر ينطبق بكل ابعاده ومعانيه على الاستفاقة الاميركية غير البريئة تجاه لبنان، فبعد زيارات عدد كبير من المسؤولين في الخارجية والخزانة والبنتاغون الاميركي للبنان خلال الاسابيع الماضية، رفعت ادارة الرئيس رونالد ترامب من رتبة مسؤوليها لزيارة لبنان، فتدرجت بعد تشكيل الحكومة لتبلغ في الايام المقبلة، فرتبة وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الذي «سيمنّ» على اللبنانيين بشموله لبنان في اطار جولته لعدد من دول المنطقة، بعد ان كان زار قبل ذلك الدول الخليجية ومصر.

 

والواضح بحسب كل المعطيات التي يتحدث عنها الاميركي نفسه على لسان معظم المسؤولين في الادارة الاميركية ان الهدف الوحيد والاهم لزيارة المسؤولين الاميركيين الى لبنان والتي سيتم تتويجها بزيارة بومبيو، هي استكمال «الطوق» الاقليمي والعربي الذي تسعى ادارة ترامب لاقامته في مواجهة ما تسميه تمدد النفوذ الايراني في المنطقة، ومعها ما تزعمه «اذرعة» ايران في لبنان وفلسطين، وصولاً الى ما يمثله النظام في سوريا في سياق محور المقاومة ومواجهة المشروع الاميركي – الاسرائيلي.

 

وعلى هذا الاساس يقول مصدر ديبلوماسي مطلع على كثير من تفاصيل ما طرحه وزير الخارجية الاميركي خلال جولته في المنطقة قبل فترة، ان هذه «الاستفاقة» الاميركية باتجاه لبنان ليست بريئة، ولا تنطلق مما يتم تسويقه من بعض الاطراف الحليفة لواشنطن من اي وجود لرغبة اميركية بمساعدة لبنان على تجاوز ازماته الاقتصادية والمالية، بل ان كل مساعدة اميركية للبنان مهما كانت بسيطة مرهونة بتلبية الشروط الاميركية التي يطرحها هؤلاء الزوار ولو من جانب حلفاء واشنطن من جهة، ووجود نوع من «المسايرة» من جانب بعض المراجع السياسية للشروط الاميركية.

 

ويوضح المصدر ان بومبيو لن يطرح اشياء جديدة، غير تلك التي طرحها موفده السفير دايفيد ساترفيلد قبل ايام وقبله ديفيد هيل والزوار الآخرون، الا الجديد الذي تريد منه ادارة ترامب شمول جولة بومبيو للبنان، ان سقف الابتزاز والضغوط سيكون من خلال رئيس الديبلوماسية الاميركية اكثر وقعاً على الذين يأخذون بالنصائح الاميركية، او لا يريدون ازعاجها، والوقوف في وجه ما تطلبه من شروط ليس لاجل محاصرة ايران وحزب الله فقط، بل بما خص مسائل اوسع من ذلك تتعلق بسعي لبنان لاعادة النازحين من خلال تغطية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لزيارة وزير شؤون النازحين صالح الغريب الى دمشق، وعدم صدور موقف اعتراضي من الرئيس الحريري على هذه الزيارة، وما يتوقع ان يتبعها من زيارات اخرى، تشمل ايضاً العديد من الوزراء في الحكومة، يضاف الى ذلك ما يعده البيت الابيض لمحاولة تسويق «صفقة القرن» بعد الانتخابات الاسرائيلية الشهر المقبل، ولذلك يوضح المصدر ان هذه «العجقة» من زيارات المسؤولين الاميركيين الى لبنان والتي ستتوج بزيارة بومبيو تستهدف الوصول الى الامور الآتية :

 

1- تحريض حلفاء واشنطن في لبنان على عدم اتباع سياسة«المساكنة» مع حزب الله انسجاما مع سياسة الحصار التي لجأت اليها الادارة الاميركية ضد الحزب وتريد توسيعها، بعد العقوبات الاخيرة على ايران وعرقلة الحل السياسي في سوريا، بحيث تؤدي الى تسمية واشنطن «خنق حزب الله ماليا واقتصادياً» واقفال كل المنافذ التي يعتقد الاميركي انها تساعد الحزب مالياً واقتصادياً، بدءاً من المصارف واحتمال مساهمة هذه المصارف في تسهيل حركة كل من تزعم واشنطن ان له علاقة بحزب الله.

 

كما ان الاميركي لا تستسيغه سياسة «المساكنة» بسياسة حلفائها مع الحزب، ولذلك ستحرضهم على رفع السقوف السياسية في مواجهة كل حراك يقوم به الحزب على المستوى الداخلي، او على المستوى الاقليمي.

 

2- الضغط على لبنان حتى لا يذهب باتجاه الانفتاح على ايران وحتى باتجاه روسيا، ان بما خص التعاون الاقتصادي، وان على مستوى تزويد الجيش بأسلحة غير اميركية، في ظل استعداد طهران وموسكو للمساهمة في بناء البنى التحتية وبعض المنشآت الحيوية مثل معامل الكهرباء، وصولاً الى الامتعاض الاميركي من وجود احدى الشركات الروسية من ضمن الشركات التي رسا عليها التنقيب عن النفط والغاز في البلوكين 9 و4.

 

3- تحذير المسؤولين اللبنانيين من الانفتاح على سوريا، ولو من بوابة عودة النازحين السوريين الى بلدهم، فالاميركي لا يريد للنازحين ان يعودوا الى سوريا قريباً لاعتبارات تتعلق بالصراع الاوسط مع روسيا وفي انتظار الحل السياسي في سوريا، ومن جهة ثانية للحؤول دون توسع انفتاح الدولة اللبنانية على دمشق بعد الكلام الذي اثير مؤخراً عن امكانية قيام الرئيس عون ومسؤولين آخرين بزيارة دمشق، تسهيلاً لعودة النازحين، فيما ترى الادارة الاميركية ان هذا الانفتاح غير مرغوب فيه ما دام ان دمشق لا تتجاوب مع الشروط الاميركية والغربية بما خص الحل السياسي فيها، وهذه الشروط كانت وراء مسارعة بومبيو مؤخراً لزيارة عدد من الدول العربية الحليفة لها، لحضها على تجميد الانفتاح على سوريا، ولذلك تراجعت انظمة الخليج ومصر عن كل الخطوات التي كانت تعمل لها لتسريع الانفتاح على سوريا.

 

4- ان يبقى لبنان نفسه ضمن ما يسمى «النأي بالنفس» لكن على الطريقة الاميركية، اي ان «يهادن» ما تعمل له الادارة الاميركية في المنطقة، في مقابل ابعاده عن قوى ودول محور المقاومة.

 

ولذلك، لا يستبعد المصدر الديبلوماسي ان يوجه بومبيو رسائل ملغومة للمسؤولين من ذهابهم بعيداً في معارضة محاولة تسويق «صفقة القرن» خلال الشهرين المقبلين، وبالتالي ان «ينأى بنفسه» عن اي تصعيد ضد الصفقة، وبالتالي تمرير رسائل بأن العدو الاسرائيلي قد يلجأ الى القيام بعدوان في حال ذهاب حزب الله وحلفائه بعيداً في التصدي لصفقة القرن.

 

وانطلاقا من ذلك، يقول المصدر الديبلوماسي ان ما يقوله الموفدون الاميركيون عن استعداد لمساعدة لبنان يراد منه ليس فقط استمرار حلفائهم بالتناغم مع المشروع الاميركي، بل محاولته ربط المسار اللبناني بالحلف الذي تعمل له الولايات المتحدة في المنطقة في مواجهة ايران وقوى المقاومة، فالعقوبات الاميركية تجاوزت ايران لتصل الى كل اطراف المقاومة من سوريا، الى حزب الله وحركة «حماس» بل وصلت في الفترة الاخيرة لتستهدف كل الشعب الفلسطيني وفصائله بما في ذلك السلطة الفلسطينية لانها ترفض الاذعان لمشروع «صفقة القرن» الرامي الى التغطية الكاملة والنهائية للقضية الفلسطينية