كالعادة ينقسم الافرقاء اللبنانيون بين مؤيد ومعارض، لأي ملف او زيارة مسؤول عربي او غربي الى لبنان، وآخر هذه الانقسامات تبرز حول الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو المرتقبة لبيروت خلال ايام، في إطار جولته على المنطقة، والمتوقع ان تحمل المزيد من التناحر على الصعيد الداخلي، نظراً للضغوطات والتحذيرات والتهديدات التي سترافق هذه الزيارة، التي سهّل لها نائب مساعده دايفيد ساترفيلد خلال زيارته الاخيرة الى لبنان، بحسب ما تصف مصادر نيابية في 8 آذار، وترى أن بومبيو سيضغط على لبنان لإرغامه على التنازل عن قسم من ثروته البحرية من النفط والغاز لمصلحة اسرائيل، وبالتالي ستعمل على خدمة مصالح أميركا وإسرائيل على حساب المصلحة العربية ككل، وبصورة خاصة على حساب إستقرار وإقتصاد لبنان وثرواته النفطية، كما ستحمل ضغوطاً على حزب الله من ناحية التأكيد والتشديد على العقوبات، عبر مواصلة التحريض وتشديد الرقابة على حركة المصارف اللبنانية، تنفيذاً للعقوبات الأميركية لحصار الحزب مالياً.
فيما على خط فريق 14 آذار الوضع مختلف، اذ يأملون ان تكون لمصلحتهم، عبر توحيد الجهود واللحمة من جديد من خلال مواصلة المعركة ضد حزب الله، وتشير مصادرهم الى ضرورة ان تؤدي الزيارة الى دعم الشرعية اللبنانية والشرعية العربية والدولية وقرارتها من 1559 و1757 و1680، وانتهاء بالقرار 1701. على ان ينقلوا هذه المطالب الى المسؤول الاميركي.
الى ذلك تلقى المسؤولون اللبنانيون الرسميون نصائح ديبلوماسية غربية، بضرورة استيعاب الزيارة الاميركية عبر بومبيو، وتفهّم الوضع لان رسائله ستكون مزعجة وقاسية، وسوف ترّكز على التوجهات الأميركية المتشدّدة للبنان والمنطقة، ضمن مهلة زمنية محدّدة عنوانها الاساسي: ان لا تهاون بل جدّية مطلقة في تطبيق العقوبات المفروضة على ايران، وكل اتباعها في لبنان وسوريا والعراق وفي طليعتهم حزب الله، بما معناه ان الوجود الايراني لن يكون من الان وصاعداً خارح الحدود الايرانية، وبالتالي ان الازمات المتعلقة بالاقتصاد والمال لديها لن تستطيع تجاوزها هذه المرة، بل سترضخ لها، كما ان بومبيو الذي ينقل رسائل بلاده الى لبنان سيمّر مرور الكرام امام مقولة ان حزب الله موجود داخل الحكومة والمجلس النيابي وهو يمثل شريحة كبيرة من اللبنانيّين، لان امام المسؤول الاميركي مشهداً واحداً هو ان دور الحزب في لبنان وسوريا واليمن والبحرين يجب ان ينتهي، لان المطلوب اليوم وبشدة إنهاء الدور الايراني وسلطته في دول المنطقة.
من هنا تبرز المخاوف من اشتعال الجبهات السياسية الداخلية في لبنان، على خط فريقي 8 و14 آذار وعودة دورهما الخلافي بفعالية الى الساحة السياسية من جديد، بحسب ما تشير مصادر ديبلوماسية عربية، كانت قد نصحت المسؤولين اللبنانيين قبل ايام بضروة إلتزام سياسة الحياد، والحفاظ اولاً على استقرار لبنان قبل أي شيء آخر، وعدم السماح للغير بإعادة السجالات والتناحرات، بل تجنّب أي خلل داخلي في ظل وضع المنطقة وخطورته، خصوصاً ان لدى لبنان إستحقاقات اقتصادية يأتي في طليعتها مؤتمر «سيدر» وشروطه كي ينفذ، لان المطلوب اليوم خطوات سريعة لإنعاش الاقتصاد المتدهور، فضلاً عن إستحقاقات مصيرية تتطلب وحدة في المواقف.