بدأت مخاوف الفاتيكان تتفاقم على وضع المسيحييّن في لبنان، ومن إمكانية فقدانهم للموقع الرئاسي الاول منذ مطلع العام بصورة خاصة، بحيث ينقل مصدر كنسي أن القلق هذا نقله عن الكرسي الرسولي أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، ثم وزير الخارجية أمين سر العلاقات مع الدول المونسنيور بول غالاغير، بعد متابعة البحث في التقرير المفصّل الذي رفعه البطريرك بشارة الراعي منذ اشهر الى قداسة البابا فرنسيس والمؤلف من 18 صفحة، عن أوضاع الشرق الاوسط، وانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، والصعوبات التي يلاقيها الملف، بسبب التناحرات والانقسامات بين السياسيين اللبنانيين، وحينها طلب الراعي وساطة الكرسي الرسولي بهذا الشأن، لكن اليوم تفاقم الخوف كثيراً خصوصاً لدى قداسة البابا الذي أبلغ ذلك الى مساعديه.
كما نقل المصدر أن وزير خارجية الفاتيكان السابق – الرئيس الحالي لمحكمة العدل في الفاتيكان الكاردينال دومينيك مومبرتي ابدى قلقاً كبيراً من وضع المؤسسات الدستورية في لبنان حين زاره، وابدى تخوفه من الشغور الرئاسي والى ما فيه من خطر على المسيحيين في الشرق، لان لبنان يشكل الرافعة الاساسية لهؤلاء، خصوصاً من الناحية المعنوية لان المسيحيين كانوا اقوياء، لكن اليوم فقدوا كل تلك القوة بسبب اطماعهم الشخصية التي لا تنتهي، كما قال المصدر الكنسي، واصفاً سياستهم بأنها قتلت لبنان ودمرته على رؤوس المسيحيين، وهم يدرون ماذا يفعلون، وبالتالي لقد سئمنا تقديم النصائح لهم وكأنهم من المراهقين في السياسة، لان المناكفات التي يقومون بها تؤكد على ذلك، فيما البلد وصل الى الهاوية بصورة نهائية، والكل شارك في تدميره من دون ان يرف له جفن .
وكشف ايضاً أن سفير الولايات المتحدة ديفيد هيل بعث بتقارير مخيفة الى بلاده، تؤكد على تدهور الوضع في لبنان من كل النواحي وبشكل غير مسبوق.
ورأى المصدر الكنسي «أننا كنا نلوم السوري لانه يتدخل في كل شاردة وواردة ويعيّن هذا ويقيل ذاك، لكن ما يجري اليوم يؤكد أن السياسيين في لبنان هم من سمح للسوري بالتدخل في شؤوننا، لانهم لا يعرفون كيفية إدارة هذا البلد، وبالتالي فهم لا يستحقونه وما زالوا يحتاجون الى الكثير الكثير كي يستطيعوا حكمه». لافتاً الى ان الجميع ينتظر ما ستؤول اليه التطورات الإقليمية، وبالتالي معالم تسوية إيرانية – سعودية برعاية أميركية قد تشمل لبنان، وفي انتظار تلك التسوية يجهد البطريرك الراعي للوصول الى خيار رئيس يرضى عنه الجميع، وتأتي جهود سيّد بكركي بعد استشعار الكنيسة بصورة نهائية وجود خطر كبير على لبنان، في ظل العجز عن ايجاد آلية للتوافق بين فريقي النزاع 8 و14 آذار، لانه كان وما زال يصطدم بالبعض، ما جعله اليوم امام مهمة صعبة عنوانها «حماية موقع الرئاسة الاولى من التهميش». مؤكداً أن سيّد بكركي دق ناقوس الخطر منذ الاشهر الاولى للفراغ، لكن المهمة بدت مستحيلة منذ ذلك الوقت، لان كل موفدي الكرسي الرسولي الذين زاروا لبنان حتى اليوم ابدوا قلقهم الشديد مما يجري، والذي من شأنه إلحاق الضرر الاكبر بالمسيحيين اولاً، وبالتوازن الميثاقي ثانياً، وهم وضعوا جميع المعنيين امام مسؤولياتهم وخصوصاً الاقطاب الموارنة، لكن مهماتهم لاقت الصعوبات بسبب تعنّت البعض، فيما الهواجس تكبر مما يحصل اليوم من تحوّلات في المنطقة ، وعدم وجود جهوزية مسيحية للتعاطي مع هذه المتغيرات والتطورات المتسارعة، وسط تردّي الوضع المسيحي.
وختم المصدر» أن قداسة البابا متشائم جداً، ولم نستشعر منه في أي مرة هذه الحدّة في التشاؤم، اذ وعلى ما يبدو بات مقتنعاً بأن الموقع الرئاسي «فلت» من ايدي المسيحيين، فيما المنطقة تستعد لتطورات جديدة وإعادة نظر في اشياء كثيرة».