Site icon IMLebanon

البابا يزور دولة لبنان… وليس ولاية “عونستان”

 

في ظل صخب المعارك الإنتخابية الذي بدأ يُسمع في مختلف الدوائر، خرق الإعلان عن خبر زيارة قداسة البابا فرنسيس إلى لبنان الأجواء الإنتخابية الملبّدة والمتشنّجة.

للبنان مكانة كبيرة في وجدان الكرسي الرسولي، كذلك فإن الشعب اللبناني عموماً والمسيحي خصوصاً أحبّ البابا فرنسيس نظراً إلى محبته لبنان ومتابعة قضاياه وأزماته التي لا تنتهي.

يتأمل الشعب خيراً بهذه الزيارة، إن تمّت، بغضّ النظر عن محاولات الإستغلال السياسي لها والتي قام بها فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وأغضبت الكرسي الرسولي، ففي أيار من العام 1997 كان لبنان واقعاً تحت الإحتلال السوري وكان اليأس هو السمة الغالبة على المسيحيين بعد اضطهادهم من الإحتلال وسلطاته اللبنانية، فأتت زيارة البابا يوحنا بولس الثاني كمفتاح أمل لبلد ظنّ الجميع أنه بات محافظة سورية يحكمها الأسد إلى أبد الآبدين.

وفي أيلول من العام 2012، وبينما كانت نيران الحرب السورية تشتعل والربيع العربي يجتاح الدول العربية، خرقت زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر الأجواء اللبنانية، وأتت تكملةً لاهتمام الفاتيكان ببلاد الأرز وللقول «إنكم غير متروكين».

أما اليوم، فان لبنان يواجه خطر زوال الكيان، الدولة تنهار، المؤسسات تتفكّك، الشعب يجوع، الأزمة الإقتصادية تتعمّق، «الدويلة» تسيطر على الدولة، العزلة العربية والدولية تتفاقم، وحكّام لبنان لا يصغون إلى صوت الشعب، لذلك فإن زيارة البابا فرنسيس ستكون إستثنائية.

وبغضّ النظر عن «خبصات» السلطات اللبنانية، وإذا تمّت زيارة البابا في حزيران أو في موعد آخر، فإن البابا فرنسيس يأتي إلى لبنان للإطمئنان إلى شعبه وليس كرسالة دعم إلى العهد العوني أو لتقوية فريق على حساب فريق.

ويستغرب مصدر مقرّب من الكرسي الرسولي كل محاولات الإستغلال من قِبل الفريق الحاكم، فالبابا فرنسيس أكثر من واضح في مواقفه ويعبّر عنها في عظاته أو في بياناته، فهو أولاً ناقم على السلطة الحاكمة من رأس الهرم حتى أصغر مسؤول، وهو أول من بارك انتفاضة الشباب اللبناني في 17 تشرين ودعا إلى الإستماع إلى مطالبهم، ولذلك فإنه يعتبر أن جميع الحكّام مسؤولون عمّا وصل إليه الوضع اللبناني ومن ضمنهم رئيس الجمهورية.

والنقطة الثانية أن منطق الفاتيكان مغاير تماماً لما يحاول العهد العوني و»التيار الوطني الحرّ» الترويج له، فالعونيون يطلقون الشائعات بأن الفاتيكان مع حلف الأقلّيات، وذلك لتبرير تحالفهم مع «حزب الله» وللإستمرار بتغطية سلاحه من أجل مصالحهم ومصالح محور «الممانعة»، في حين أن البابا يعتبر لبنان مختبراً لحوار الأديان وملتقى للحوار الإسلامي ـ المسيحي، ويتمسّك بنموذج «إتفاق الطائف» الذي يضمن المناصفة في الحكم، وهذا الأمر يتنافى مع من يطرحون «المثالثة».

ومن جهة أخرى، يحاول التيار العوني التسويق بأن الفاتيكان هو مع سلاح «حزب الله» وهذا السلاح يحمي المسيحيين من التطرف، في وقت يدعم الكرسي الرسولي الدولة والجيش اللبناني كقوّة وحيدة قادرة على حماية الجميع.

لا شكّ أن الفاتيكان لا يتدخّل في التفاصيل اللبنانية، لكنه يدعو إلى الإصلاح ووقف الهدر ومكافحة الفساد، وفي المقابل يعلم أن العهد العوني بات الشريك الأول في الفساد وسياساته أدّت إلى حرمان الناس من الخدمات الأساسية وعلى رأسها الكهرباء بعدما استلم تكتل عون وزارة الطاقة منذ العام 2009 فيما البلاد تغرق بالعتمة الشاملة.

وأمام كل هذه الوقائع، فإن زيارة البابا فرنسيس تأتي كرسالة دعم لدولة لبنان ولشعب لبنان، وليس لمباركة سياسات ولاية «عونستان» التي أوصلت الشعب إلى الحضيض، وعزلت البلاد عن محيطها العربي، في حين أن الفاتيكان يتخوّف من موجة الهجرة المسيحية الكبيرة التي حصلت في عهد عون والشبيهة بالموجة التي أحدثها عندما تسلّم الحكومة الإنتقالية العام 1988، من هنا فإن البابا هو مع إنقاذ البلاد وليس مع إنقاذ حكّامه.