IMLebanon

البابا فرنسيس المثير للجدل

أفادت وكالة رويترز قبل ايام أن “البابا فرنسيس هو أحد المرشحين لجائزة نوبل للسلام للسنة 2015”. وسيعلن اسم الفائز بنوبل للسلام غداً الجمعة، وسواء نالها البابا أو المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي تتقدم استطلاعات الرأي نحو الجائزة، نظراً لمواقفها الأخيرة حيال اللاجئين الى بلادها، والى أوروبا عموماً، وكذلك موقفها من القضية الأوكرانية، فان اسم البابا فرنسيس يشغل مراكز القرار في العالم، كما وسائل الاعلام، الى الأوساط الكنسية التي يفاجئها في الكثير من مواقفه التي تعيد أنسنة الكنيسة المؤسسة التي دخلتها البيروقراطية المادية بشكل واسع. واذا كنا ننظر الى البابا من ناحية انسانية اكثر من تلك السياسية التي برع فيها البابا القديس يوحنا بولس الثاني، الذي ساهم في إضعاف الشيوعية، وحارب فرض الإلحاد على الناس، فان الصحافة الأميركية تناولت الدور الحالي للبابا، واعتبرته سياسياً، وانقسمت ما بين مؤيد له أو معترض عليه.

صحيفة “وول ستريت جورنال” كتبت تحت عنوان: “رسالته لم تعد محض روحية”، فاعتبرت ان البابا تحول لاعباً فاعلاً في الحياة السياسية العلمانية، مذ بدأ يطرح اسئلة عن البيئة والاقتصاد، داعياً الى تبني سياسات محددة في هذين المجالين. هذا الأمر يحمل، وفق الصحيفة عينها، أخطاراً ليس على البابا فحسب وانما على البابوية والكنيسة التي تديرها في العالم لأنه يقحمها في السياسة. ورأت الصحيفة ان التغطية الاعلامية لزيارة البابا الى الولايات المتحدة الأميركية أنست العالم أن البابا إنما يزور أميركا للتحدث في أمور العائلة، لا عن الهجرة والبيئة والعولمة”.

في المقابل، كتبت “الواشنطن بوست” بعنوان “العالم بحاجة الى قوته”، فرأت ان هذا العالم بحاجة الى تأثير البابا فرنسيس عليه، والى ثورته، والى تلك القوة الناعمة والمؤثرة المفتقدة منذ عشرات السنين. واذ سألت “لماذا يجذب البابا تلك الحشود؟ اجابت لانه يحمل رسالة انسانية مسيحية بسيطة، ولأنه صادق في عالم معقد، ولأنه بدّل مفهوم السلطة في وقت لا يسعى فيه لان يكون سيد هذا العالم”.

هذا البابا الذي احدث ثورة في الكنيسة الكاثوليكية لم يستوعبها الكرادلة والمطارنة بعد في كل انحاء العالم، اذ هو يفاجئهم يوماً بعد آخر، بخروجه عن التقليد، وعن القوانين الجامدة التي حددتها المؤسسة الكنسية للزواج والطلاق وعمل المحاكم وبدلات الرتب الكنسية، وايضاً في الكثير من هجر القيم المسيحية في التعامل مع الفقراء والمعذبين والمهجرين واللاجئين.

وهذا البابا الذي دعا في الولايات المتحدة الأميركية الى “القضاء على الأشكال الجديدة للعبودية”، والتعامل مع “ازمة لاجئين لا سابق لها منذ الحرب العالمية الثانية”، قال ايضاً إن “من المأسوية، ان حقوق اولئك الذين كانوا هنا منذ فترة طويلة (الهنود) لم تحترم دائما”.

… هذا البابا الذي لا يتوانى عن الشهادة للحقيقة في الكنيسة والعالم، مستحق موقعه ومكانته، اكثر من حاجته الى جائزة “نوبل”.