IMLebanon

البابا فرنسيس.. هل يكون الناخب الرئيس للرئيس؟

 

الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر الخميس الماضي كنت وأحد الأصدقاء نتابع وقائع زيارة الرئيس روحاني الى الإيليزيه ولقاءه مع الرئيس هولاند الذي استقبل ضيفه على إيقاع مسيرات باريس الرافضة للزيارة. في هذه الأثناء، جاءت رسالة نصيّة على هاتف صديقي تقول أن السيد نصرالله سيتحدّث مساء الجمعة عن الاستحقاق الرئاسي، أي مع نهاية زيارة الرئيس روحاني الى كلّ من إيطاليا والفاتيكان وفرنسا. وكان قداسة البابا فرنسيس قد حرص على استقبال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قبل لقائه مع الرئيس روحاني. ومن الواضح أنّ الاستحقاق الرئاسي كان في صلب المحادثات مع روحاني، كما كان كذلك مع الرئيس الفرنسي هولاند، إذ جاء في البيانات الختامية لزيارة روحاني الى كلّ من الفاتيكان وفرنسا التأكيد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان.

 لا داعي للتوسع في قراءة ما جاء في حديث السيد نصرالله بالأمس، فالتوقيت هو الموضوع أي أن الحديث جاء بعد حوار ايران مع الفاتيكان وفرنسا. وبذلك تكون الرئاسة اللبنانية قد أصبحت على نار حامية.

ما هي الاحتمالات الممكنة لتحريك هذا الاستحقاق؟ وما هو المتاح لنا للتحليل أو التقدير أو الاستشراف من خلال متابعتنا للتطورات والمبادرات؟ هنا لا بدّ من التأمّل في احتمالات زيارة الرئيس الفرنسي للمنطقة في الأيام القادمة والتي جرى الحديث عنها مؤخّراً، مع التأكيد الفرنسي على أهمية انتخابات الرئاسة، وتوقّع زيارة هولاند الى لبنان، مع التذكير بما تمّ الحديث عنه على أثر زيارة وزير خارجية فرنسا الى ايران قبل أشهر، وما قاله وزير خارجية ايران عند فتح الموضوع الرئاسي اللبناني إذ أجاب أنّه موضوع رئاسي إيراني، وقد فُهِمَ حينها أنّه سيُبحث فيه عند زيارة روحاني الى فرنسا.

هذا في ما يخصّ الرئيس الفرنسي، فماذا عن الفاتيكان الذي لم يترك هذه القضية منذ بداية الشغور الرئاسي، وخصوصاً بعد ما تسرّب عن تقرير المونسنيور مونبرتي الموفد الباباوي الذي تحاور مع الجميع وعلى مدى أسابيع طويلة وخلص الى وضع تقريره الذي رفعه الى البابا في روما؟ هذا بالاضافة الى التواصل مع كل الأفرقاء بدقّة متناهية، وكان آخره الاجتماع الاستثنائي لقداسة البابا مع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، إذ تقول المعلومات أن البطريرك قدّم تقريراً مكتوباً عن الاستحقاق.

استنفد اللبنانيّون مبادراتهم ومهاراتهم في توهّم التعطيل والترشيح والانتخاب، وذهبوا بعيداً في التأييد والرفض، وأطلقوا العنان لمخيّلاتهم وأوهامهم أنّهم ناخبون أو صانعون للرؤساء، في حين أنّهم أعجز من إنهاء ملف النفايات أو الكهرباء، ناهيك عن الفساد المقونن والعلني واقتسام المغانم في السلطة والمرافق والتعهدات، كما أنّهم أعجز من أن يجتمعوا في مجلس الوزراء لتدارك الانهيارات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.

إنّ تزامن حديث نصرالله مع  انتهاء زيارة روحاني  يعني  أنّ الملف الرئاسي سيخرج من دائرة الحروب الكلامية والارتجالية، وسيبدأ العدّ العكسيّ لانتخاب رئيس للجمهورية، وسيكون لفرنسا والفاتيكان الدور الأساس بعد طول انتظار. ومع احتمال زيارة هولاند الى لبنان خلال زيارته الى المنطقة، ربما ستشهد حاضرة الفاتيكان زيارات مكثفة، وربما سنشهد مبعوثين لها الى لبنان، وربما سيصار أيضاً الى دعوة مرشّحي بكركي الأربعة للرئاسة الى روما، وربما ستُدعَى القيادات الاسلامية والمسيحية ووزراء خارجية كل من فرنسا واميركا والسعودية وطهران الى لقاء في الفاتيكان، كما يحصل في الاجتماعات حول سوريا، من أجل الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية والحفاظ على ما تبقّى من الدولة في لبنان.

فهل يكون البابا فرنسيس الناخب الرئيس للرئيس؟