Site icon IMLebanon

نجاح زيارة قداسة البابا ومسؤولية الرئيس ميقاتي

 

الاعلان عن زيارة قداسة البابا فرنسيس في حزيران القادم أحدث موجة من الارتباك لدى معظم مكونات قوى السلطة في لبنان، لان توقيت الزيارة يأتي بعد ايام قليلة من الانتخابات النيابية القادمة في١٥ايار والتي ستعيد تشكيل الاحجام على حساب الاوهام، اي ان زيارة البابا ستتعامل من نتائج الانتخابات وليس مع الرغبات وتحويلها الى معطيات ومعلومات، ومن المتوقع ان يبادر قداسته الى رعاية حوار وطني يضع الخطوط العريضة لمرحلة انتقالية تكمل ما بدأته حكومة الرئيس ميقاتي الحالية في احداث ثغرات متعددة في جدار الازمات اللبنانية المستعصية الاقتصادية والمالية والسياسية والاجتماعية والحدودية، وهذا ما حتم على الرئيس ميقاتي ابقاء رئاسة الحكومة بعيدة عن الاستخدامات الشعبوية والانتخابية لانه كان يعرف ان انجاز ما هو مطلوب يحتاج مؤازرة من الاشقاء العرب والاصدقاء الدوليين والاقليميين.

 

زيارة قداسة البابا فرنسيس ستكون مناسبة تاريخية من اجل تجديد الشراكة الوطنية الاسلامية المسيحية مما يضع اهل السلطة من المسلمين والمسيحيين في حالة من الاحراج والارباك نتيجة استخدامهم التعبئة الطائفية والمذهبية من اجل تحقيق المغانم الشخصية او الحزبية، والتي حولت التنوع الطائفي اللبناني من نعمة وميزة الى نقمة ولعنة، وجعلت من ابناء الطوائف الطيبين يموتون ويجوعون ويهجرون من اجل ان يتنعم هذا المدير العام او ذاك السفير بالمواقع بما هي ارث من الاباء والاجداد، وتحويل ابناء الطوائف الى مجرد عبيد لأسياد الفساد الطائفي الممعنين في العبث بأسباب التجربة الوطنية وبصناعة الكراهية بين ابناء الوطن الواحد والدولة الواحدة والمصير الواحد .

 

زيارة قداسة البابا ستشكل بداية مسار قديم جديد منذ التصديق على اتفاق الطائف والذي جاء انجازه نتيجة ارادة دولية حقيقية في نهاية الثمانينات بفصل ازمة لبنان عن ازمات المنطقة، وهو ما يحب ان يسميه غبطة البطريرك الراعي (الحياد)، و تلك الرغبة اللبنانية والدولية العربية اصطدمت برفض الاتفاق من قوى لبنانية مدعومة اقليميا ودوليا، ثم اغتيال اول رئيس جمهورية منتخب على اساس الطائف، ثم احتلال الكويت وحرب عاصفة الصحراء وقيام منظومة دول اعلان دمشق، ثم فشل مفاوضات مؤتمر مدريد للسلام و شعب واحد في دولتين، الى حرب اسرائيل وعناقيد الغضب والاحتلال على مدى ثمانية عشرة عاما من دون اسباب بل من اجل ابقاء ساحة نزاعات اقليمية ودولية مما ادى الى تدمير كل ما تم انجازه من انماء واعمار واستثمار وصولا الى اغتيال رئيس حكومة لبنان وما تلاه من اغتيالات وحروب وتداعيات وصولا الى هذه الايام والانهيار التام .

 

زيارة قداسة البابا فرنسيس ستكون استكمالا لما بدأه قداسته في اجتماعات روما ٢ تموز ٢٠٢١خلال اجتماعه مع اصحاب الغبطة بطاركة الطوائف المسيحية في المنطقة والذي استتبعه بلقائه مع وزيري خارجية اميركا وفرنسا اللذين تابعا اجتماعاتهما مع وزير الخارجية السعودي وما تلاه من انعكاسات ايجابية على عملية الخروج من الجمود الحكومي الذي استمر من ٤ آب٢٠٢٠حتى تكليف الرئيس ميقاتي في٢٦تموز٢٠٢١وتشكيل حكومته في١٠ايلول٢٠٢١، والتي تعرضت الى العديد من المطبات البالغة الخطورة على كافة المستويات واستطاع الرئيس ميقاتي اعادة تفعيل عملها وحضورها رغم هول المعوقات السياسية والامنية والمالية والقضائية والمفاوضات الحدودية والمالية وصولا الى التوقيع مع صندوق النقد الدولي بالتزامن مع ترميم علاقة لبنان مع محيطه العربي، وبالتزامن ايضا مع الاعلان عن تحديد موعد زيارة قداسة البابا مما يضع نجاح الزيارة التاريخية من مسؤولية الرئيس ميقاتي .