IMLebanon

الثقة الشعبية والدولية والصلاحيات الدستورية عوامل قوة يفتقر إليها خصوم الحريري

الثقة الشعبية والدولية والصلاحيات الدستورية عوامل قوة يفتقر إليها خصوم الحريري

الرئيس المكلف يعتمد سياسة النفس الطويل وفكفكة العقد لإنجاز التشكيلة الحكومية

 

 

«مؤتمر «سيدر» ومؤتمر باريس وبروكسل دليل الثقة الدولية ولولاها لما كان يكتب النجاح لهذه المؤتمرات الدولية»

يواصل الرئيس سعد الحريري مهمته بتشكيل الحكومة الجديدة، معتمداً على سياسة النفس الطويل وفكفكة العقد وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنافسين، بالرغم من تصاعد حدة المواقف والحملات المتبادلة لتحسين المطالب والشروط ومحاولات الاستئثار والقفز فوق الدستور أو خرقه تحت ما يسمى بالاعراف المستحدثة، أو ممارسة أساليب ابتزازية مستنسخة عن ممارسات ازلام نظام الوصاية السورية أبان فترة تسلطه على لبنان، لحمله على تقديم تنازلات و«هدايا» لصالح خصومه ومنافسيه السياسيين، باعتبار مثل هذه الأساليب ملائمة في هذا الظرف الدقيق للاستئثار وفرض موازين قوى جديدة في تركيبة الحكومة المرتقبة تختلف عن توازنات القوى من الحكومة المستقيلة.

ولا يقتصر اعتماد الرئيس الحريري على سياسة النفس الطويل وانتهاج سياسة الحوار الهادئ وسيلة لإكمال مهمته وتجاوز سياسة نصب الأفخاخ والمطبات التي يمتهن بعض رموز الوصاية السورية السابقة تطبيقها، بل يرتكز على سلسلة من عوامل الدعم وفاعليته لتجاوزها والاستمرار قدماً في مهمة التشكيل، حتى ولو استغرق الأمر حيزاً اضافياً من الجهود والمشاورات ولكن في النهاية ستتكلل بتشكيل الحكومة العتيدة.

ولعل أولى مقومات الدعم التي يتسلح بها رئيس الحكومة المكلف ترؤسه لأكبر كتلة نيابية للنواب السنة وغيرهم في المجلس النيابي من دون ضم أي نواب اضافيين كما تفعل بعض الكتل الأخرى لتكبير حجمها اصطناعياً، إضافة إلى رئاسته لتيار المستقبل المنتشر في معظم ارجاء الوطن، والثقة التي يوليها أكثرية الشعب اللبناني لوجوده على رأس الحكومة أياً كانت، باعتباره يُشكّل صمّام أمان وعامل اطمئنان مهم للاستقرار الامني والاقتصادي والمالي، كما ظهرت وقائع تسلمه لمهمات رئاسة الحكومة ووجوده على رأس السلطة التنفيذية أكثر من مرّة، في حين سلطت أزمة استقالة الحكومة السابقة في شهر تشرين الثاني الماضي الضوء على أهمية وجود الرئيس الحريري في رئاسة الحكومة، وقد انعكس هذا الواقع بوضوح على التفاعل السلبي لمختلف القطاعات مع الأزمة يومذاك، والتعاطف الشعبي والسياسي الواسع معه للعودة عن استقالته، بينما يلاحظ بوضوح افتقار باقي القيادات الأخرى لهذا الدعم والتأييد الذي يحظى به الحريري على هذا المستوى يضاف إلى عوامل الثقة السياسية والشعبية، الثقة الدولية التي يحظى بها الرئيس المكلف والتي تجلّت في مناسبات عديدة، أهمها تجاوب الأشقاء العرب أو معظمهم والمجتمع الدولي مع مطالب دعم لبنان لمواجهة تداعيات أزمات وصراعات المنطقة ومتطلبات وجود هذا الكم من النازحين السوريين وغيرهم على الأراضي اللبنانية والمساعي المبذولة للنهوض بالاقتصاد اللبناني من التعثر الذي يمر به وتقديم كل ما يلزم لإنجاح المؤتمرات الدولية المطلوبة لتوفير مثل هذا الدعم ومنها على وجه الخصوص مؤتمر «سيدر» ومؤتمر باريس وبروكسل، لأنه لولا هذه الثقة الدولية لما كان يكتب النجاح لهذه المؤتمرات الدولية.

وهناك أيضاً الإجماع الذي ابدته القيادات السنية الوازنة على اختلافها وفي مقدمهم رؤساء الحكومات السابقون لمهمة الرئيس المكلف في تشكيل الحكومة انطلاقاً من الصلاحيات الدستورية التي يمنحها إليه الدستور في مهمته وهي الصلاحيات التي تتجاوز كل المحاولات الممجوجة من هنا وهناك لتجاوزها أو التقليل من فاعليتها بعبارات مفبركة لا قيمة دستورية لها مهما تفنن البعض في تنميقها، ولا تنفع نظريات الآخرين الخنفشارية في تدبيج آليات لإسقاط تأييد النواب لتكليف رئيس الحكومة أو تحديد مهل لإكمال مهمته غير موجودة في نصوص الدستور اللبناني، لا من قريب ولا من بعيد، كما يحاول نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي منذ أيام عهد الوصاية البائد والذي يحاول إحياء هذه البدع وتجديدها بهدف ابتزاز الرئيس المكلف وممارسة التهويل عليه، تارة من خلال التركيز على نتائج الانتخابات النيابية التي تقلص من جرائها عدد نواب كتلته أو الاستدلال بوقائع الحرب السورية للاستقواء بنتائجها بالداخل اللبناني  وتحديداً بتركيبة الحكومة المرتقبة، لحمله على التغاضي عن التجاوزات الدستورية من جهة على حساب صلاحياته، أو التقليل من حصته الوزارية لصالح خصومه السياسيين.

ولذلك، يمضي الرئيس الحريري في مهمته لتشكيل الحكومة الجديدة، متسلحاً بعوامل القوة هذه الموجودة في جعبته، متجاوزاً كل الأفخاخ والمطبات المنصوبة له من أكثر من طرف، في حين يبدو خصومه السياسيون أو من يتلطون وراءهم يفتقرون إلى الحد الأدنى من مقومات الدعم هذه، الأمر الذي يجعلهم يدورون في حلقة مفرغة، ولا يستطيعون تغيير الأمر الواقع لأنهم أولاً وأخيراً يفتقدون الثقة التي يحوزها الرئيس الحريري ولا يستطيعون تعويضها مهما اخترعوا من نظريات وبدع لا قيمة دستورية لها.