في خضم الاعتداءات الإسرائيليّة على الجنوب اللبناني والحرب الدائرة في غزّة، هلّلت بعض الجهات لـ«بشرى» إخلاء عناصر «الجبهة الشعبيّة – القيادة العامّة» مواقعهم في النّاعمة والدّامور وتسليم الأراضي التي شيّد في أسفلها عدد من الأنفاق إلى بلديتَي النّاعمة – حارة النّاعمة والدامور. غير أن «الجبهة» أكدت أن ما انتشر عن الإخلاء «يُجافي الحقيقة».وأوضح المسؤول الأمني والعسكري لـ«الجبهة – القيادة العامة» في لبنان، العميد أبو راتب باتر، لـ«الأخبار» أنّ ان ما سًلّم إلى البلدية في الدامور طريق كان الجيش قد أقفله عبر بلوكات باطونية عام 2008، وبعد تمنٍّ من البلدية عبر مخابرات الجيش اللبناني بتسليمها الطريق لتسهيل مرور السكّان بدلاً من سلوك طريق بعورته للوصول إلى منازلهم. وأضاف باتر أن «الجبهة سلمت الطريق انطلاقاً من حرصنا على حُسن العلاقة مع الجوار»، مشدداً على «أنّنا لسنا محتلين لأي أرض، بل نقاوم من احتل أرضنا. ونعتبر أنفسنا في أي نقطة بمثابة ضيوف، ونكنّ كل المحبّة والتقدير للشعب اللبناني». ورفض «تشويه سمعة الجبهة من قبل أي طرف لبناني، إذ أنّنا على تنسيق دائم مع الجيش اللبناني ونسعى دائماً إلى أفضل العلاقات مع الجوار، ولا نرفض التعاون مع أي جهة رسميّة»، و«لم نرفض يوماً تسليم أي عقار لأصحابه بكل محبة».
وعما انتشر عن إخلاء «الجبهة» لمواقعها في تلال الناعمة والدّامور، شدّد باتر على أنّ «الإخلاء غير وارد والجبهة باقية في مواقعها في المنطقة من دون أي تغيير في مواقعها العسكريّة التي تُعطي الاعتداءات الإسرائيليّة حالياً أهميّة أكبر لوجودها»، مشيراً إلى أنّ «لا أبعاد لتسليم العقار في الدامور، وتوقيته غير مرتبط بما يحصل في غزّة أو التصعيد الحاصل على الجبهة الجنوبيّة». وأكّد أن «وجودنا في هذه المراكز هو ضمن الاستراتيجيّة الدّفاعيّة عن لبنان وشعبه وفاء منا لاحتضانه الشعب الفلسطيني ومقاومته». وعزا «التهليل» بعد تسليم العقار إلى بلديّة الدّامور، إلى أنّ «خصوم المقاومة يُصرون دائماً على استغلال أي حادثة مهما كانت صغيرة أو إيجابيّة للمس بالمقاومة والوجود الفلسطيني في الدّاخل اللبناني، ضمن الحرب على محور المقاومة الذي نحن ضمنه، وذلك بإيعازٍ من الخارج».
وأكّدت مصادر الجيش اللبناني لـ«الأخبار» أنّ «مسألة إعادة بعض العقارات إلى أصحابها في النّاعمة وحارة النّاعمة والدّامور تعود إلى سنوات، وتم الاتفاق خلال سلسلة اجتماعات عقدت بين الجيش اللبناني وقيادة الجبهة على تسليم العقارات التي يُطالب بها أصحابها إليهم لإعادة استصلاحها واستثمارها، وبالتالي، فإنّ ما حصل غير مرتبط بتطورات الحرب على غزة ولبنان»، لافتةً إلى أنّ «هذه العقارات لا يتمركز فيها عناصر الجبهة ولا يحتاجونها أصلاً، بل هي عقارات تقع حول الأنفاق وضمن المناطق المقفلة».
وكشفت المصادر أنّ الجيش «تسلّم على مدى العامين الماضيين نحو ثلثي الأراضي المحدّدة لاستلامها في المرحلة الأولى والتي تقع ضمن المنطقة العسكريّة حول الأنفاق، وبدأ بمسحها وتنظيفها من الألغام ومخلّفات الحرب قبل تسليمها إلى أصحابها، على أن يتم استكمال هذه الخطّة خلال الأشهر المقبلة»، مؤكّدةً أن «عناصر الجبهة ما زالوا في مراكزهم العسكرية في المنطقة التي لم يتم إخلاؤها».
يُذكر أن «الجبهة» أخلت منذ نحو 3 أشهر معمل «غندور» الواقع في تلال حارة الناعمة، بطلبٍ من أصحابه عبر مديرية المخابرات، إضافة إلى عدد من المعامل خلال السنوات الماضية.