لأهالي ضحايا تفجير 4 آب الذين التقوا قبالة المرفأ إحياءً لذكرى أحبتهم نقول: هذي الدموع عبء على ضمير كل لبناني وإنسان شهد جريمة العصر عَصر ذاك الثلاثاء المشؤوم. وليس لقاؤكم أمس بعد عشرة أشهر الا لتذكير كل مواطن، قبل هزّ ضمائر المسؤولين، بأن الوصول الى الحقيقة في انفجار “نيترات الأمونيوم” ومحاسبة المرتكبين هو آخر ما تبقى ليجدد اللبناني إيمانه بلبنان وأمله بقيام دولة تحمي أهلها وقادرة على استعادة هيبتها.
نعلّق آمالنا على المحقق العدلي مع ارتيابنا في التأخير وفي استباق المغرضين النتائج بالترويج لفرضيات الصدفة واستعجال التعويضات من شركات التأمين. وللقاضي طارق بيطار نقول بالمباشر: نرفض الضغط على التحقيق، لكننا نريد الحقيقة كاملة. هذه جريمة ضد الإنسانية لا يجوز ان تتم لفلفة طريقة اندلاع شرارتها، مثلما نرفض مسبقاً تحويلها الى خلل إداري يحاسب على أثره موظفون مهما علا شأنهم.
إنها جريمة اعترف أكبر المسؤولين في الدولة بأنهم أُبلغوا باحتمال وقوعها. قادة في أجهزة أمنية ووزراء ورؤساء. وكلٌ يتحمل مسؤوليته حسب القانون وبموجب الدستور. هذه ليست مسألة ديَّة تدفع عن قتيل وتنتهي مفاعيلها بتسويات، بل قضية شعب كامل نُهب واستبيحت سيادته وفوق ذلك تريد منظومة الإجرام النجاة بفعلتها وتتويج ارتكاباتها بغسل اليد من ثالث أكبر انفجار غير نووي في التاريخ أودى بأكثر من مئتين من الأبرياء. فلا تكمل الطريق إن تسرّب التردّد اليك، لأن أي تقصير في الاتهام مراعاة لحسابات الأحزاب والطوائف والمقامات هو إدانة لك وعار يلحق بالقضاء مدمراً سلطة نُصرُّ على الرهان عليها رغم الخيبات.
“لا تسكتوا”. ونحن، مع أهل كل ضحية تضرجت بالدماء وكل مواطن شريف، لن نسكت لئلا يبقى الاجرام “شربة ماء” ولئلا يعتقد المرتكبون بأن مصير انفجار المرفأ سيلحق بمصير المحكمة الدولية فيطمئنوا الى قدرتهم على التكرار.
عشرة أشهر. والحبل على الجرار. لن نيأس من الأمل والغضب، وسنبقى في الانتظار.