IMLebanon

4 آب يوم مفصلي… “حداد وطني” أم حداد على الوطن؟

 

 

يتّجه الملف الأمني بسرعة قياسية نحو الفلتان، على رغم وجود إرادة سياسية باستعمال العصا الأمنية في مواجهة الشعب الجائع والثائر.

 

تعمل السلطة السياسية على استفزاز الناس أكثر فأكثر، وهي لا تكترث لوجعهم أو معاناتهم، ووصلت بها الوقاحة إلى درجة الاعتداء على أهالي شهداء انفجار مرفأ بيروت.

 

من هنا يمكن القول إن هناك صاعق تفجير إضافياً زاد على العوامل التي تجعل الأرض مشتعلة وقابلة للاشتعال في أي لحظة، إذ أن موضوع رفع الحصانات لم يعد يهمّ أهالي الشهداء والمتضرّرين فقط، بل يشمل كل لبناني يريد المحاسبة في جريمة العصر، ويدعم التحقيقات والاستدعاءات التي يقوم بها القاضي طارق بيطار في الجريمة التي هزت بيروت ولبنان والعالم، ولم تهزّ ضمائر المسؤولين.

 

وتتخوّف الأجهزة الأمنية من أن يكون يوم 4 آب يوم الانفجار الأمني الكبير، لأن الغضب الشعبي لا يقتصر فقط على محاولة السلطة لفلفة التحقيق في انفجار المرفأ، بل إن الأزمة أكبر من ذلك بكثير، فكل مواطن جائع سيتحرّك، وكل شخص يُذلّ أمام محطات الوقود والمستشفيات والسوبرماركات ويفتش عن الدواء ولا يجده، سيرى في هذا اليوم مناسبة لتفجير غضبه.

 

وإذا كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أعلن أن يوم 4 آب هو يوم حداد وطني، فإن هذا الأمر لا يشفي غليل أهالي الشهداء واللبنانيين الذين يتوقون لمعرفة الحقيقة، وكل ما فعلته السلطة هو محاولتها حرف مسار التحقيق وعدم السعي للوصول إلى الحقيقة الدامغة.

 

إذاً، إن لبنان أمام يوم مفصلي في 4 آب قد يبدأ سلمياً ويتحوّل إلى مواجهات متنقلة خصوصاً قرب المقرّات الرسمية ومراكز أهل السلطة، وهنا تقف الأجهزة الأمنية أمام استحقاق مهم، فمن جهة لا يمكنها التمرّد على الأوامر السياسية التي تُعطى لها والتصدّي للشعب الذي قد يحاول اختراق تحصينات أهل السلطة، ومن جهة أخرى لا تستطيع التمادي في قمع الشعب الجائع والغاضب، والذي انقطعت أمامه كل سبل العيش ويفتقد إلى أبسط مقوّمات الحياة.

 

من هنا، فإن هذا الاستحقاق إن حدث، سيكشف النوايا على حقيقتها، وما إذا كانت هذه الأجهزة في خدمة الشعب أو الحكام الفاسدين والمجرمين، علماً أن معظم طبقات الشعب الموجوعة وحتى المسحوقة تُبدي تضامنها الواسع مع الأجهزة الأمنية، والتي لم يعد راتب العنصر فيها يتجاوز السبعين دولاراً أميركياً.

 

لا شك أن الأجهزة مولجة حماية الانتظام العام وتطبيق القرارات السياسية، لكن في اللحظات المصيرية ينبغي أن تصطف مع الشعب، لأن معاناتها من معاناته والعكس صحيح، وبالتالي فإن العناصر التي تنهال على اهالي الشهداء والشعب بالضرب يجب أن تُحاسَب، إلّا إذا كانت قيادتها راضية عن هذا الأمر. وفي السياق فإن الوضع الأمني خطير جداً وقد لا ينتظر موعد 4 آب لينفجر بعنف، لأن كل حدث صغير هو مشروع تفجير.

 

لكن ما يدعو إلى عدم المبالغة في الخوف هو الرعاية الدولية للوضع اللبناني وعدم السماح للسلطة السياسية بالذهاب بعيداً في ضرب مقوّمات الاستقرار، وعلى رغم أن هذا المعطى لا يكفي لوحده، إلّا أنه يشكّل عامل اطمئنان وسط الجحيم الذي يمر به الوطن.