قد لا يصل انفجار المرفإ إلى لجنة تحقيق دولية، ولا إلى محكمة دولية، وقد يتجه التحقيق الى إثبات : التقصير والإهمال.
الأدهى في ذلك ان التهمتين المرفوعتين تصدران عن فهم إداري في تحديد المسؤولية والتهمة. كما لو ان المدراء ومسؤولي الأجهزة (من دون الوزراء ورئيس الجمهورية ورؤساء الحكومات)… موظفون وحسب، لا أصحاب مسؤولية سياسية. كما لو ان تعييناتهم، في هذا المنصب او ذاك، قامت إثر مباراة وظيفية…
كما لو انه كانت لهم افعال تعدت “الحماية المنفعية” لما يعتبرونه نطاقهم الخاص، اي النطاق الذي ينتفعون منه…
اما ما قام به هذا المسؤول الإداري او ذاك فقام، في ما يخصه، على الانتفاع الوظيفي، ما يوزعه ويجمعه من نسب المعاملات في نطاقه المخصوص. واما ما قام به هذا المسؤول الاداري او ذاك، خارج نطاقه، وفي ما يخص نطاق المسؤول الآخر، او الجهة النافذة الاخرى، فهو غض النظر، كما لو ان ما يجري يجري في بلد آخر.
لهذا تراهم متحدين – على تباعد – في المسؤولية الجرمية.
هذا يعني – أياً كان مآل التحقيق – ان جريمة المرفإ… سياسية بامتياز. تفضح بنية السلطة، وآليات عملها، وانصرافها الى الانتفاع و”بيع النفوذ”، وغض النظر عما يحدث في حصة شريكها الاداري.
هذه جريمة بحجم دولة، وارتكابٌ سياسي معلن توكل به من هم جبابرة امام المواطنين، وهم صغار الكسبة والتابعين امام من جعلهم في موقع المسؤولية المباشرة. وقد صدر الحكم على الجريمة قبل انتهاء التحقيق وانتظام المحكمة، من قبل المجتمع الدولي، ومن قبل المتشردين والغاضبين في شوارع المدينة المنكوبة.
هذه الجريمة لها انبعاثات لم تنقطع، ولن تنقطع، مهما عمل البعض على إخفائها أو على تبديد معالمها. هي بحجم سلطة مجرمة بصورة مؤكدة، وتحت أنظار العالم، فمتى يحاكمها الجمهور الذي أوكل إليها أمر إدارة البلاد؟