IMLebanon

جريمة انفجار المرفأ مسؤولية ذوي الضحايا  

 

 

من أخطر ما يعترض المسار القضائي في جريمة انفجار مرفأ بيروت هو الانقسام في صفوف ذوي الضحايا الذين ما زالت دماؤهم تستصرخ عدالةً تائهة في زواريب السياسة. والمفجع أن هذا الانقسام لا يمكن تفسيره إلّا على «موجبات» طائفية. ولقد يستفيق الأهالي المفجوعون، في «الفريقين» (كم هي بشعة كلمة فريقين في هذه المأساة) على واقع مخزٍ، وهو أن الذين كانوا وراء هذا الشرخ قد أسهموا في الأخذ بقضيتهم النبيلة الى الضياع. ولا نقبل الإدعاءات والأعذار التي يتذرعون بها ليتهربوا من وصمة الطائفية التي لا يمكن إخفاؤها مهما حاولوا تلطيفاً وتمويهاً وهروباً من الحقيقة.

 

وبينما كان قداسة البابا فرنسيس الأوّل يعيد هذه القضية المحقة الى الواجهة من على منصّة حاضرة الفاتيكان، كان ذوو الضحايا يختلفون، كما دائماً، على ما إذا كان المحقق العدلي الرئيس بيطار يحق له، أو لا يحق، أن يصدر قراره الاتهامي في هذه الجريمة المروّعة. ومثل هذا الاختلاف يضرّ جداً بهذه القضية الشريفة، التي استطاعت الطائفية الذميمة والسياسة الفاسدة القبيحة أن تُضاعفا من العراقيل أمام احتمال الوصول بها الى الخاتمة المرجوة، على الأقل لأن القرار الإتهامي من شأنه أن يضع المجلس العدلي أمام مسؤوليته التاريخية، مع اقتناعنا بأن القرار ليس حكماً مبرماً، ولن يكون، إلّا أنه يضع هذه الجريمة المأساوية على سكة المحاكمة. نقول هذا من دون أن يكون عندنا أي أوهامٍ ولا حتى أي أحلامٍ وردية جراء معرفتنا بحال القضاء المسيّس من رأسه الى أخمص القدمين، باستثناء القلة النادرة المعروفة بالأسماء من القضاة الذين انكبّوا على هذا الملف وقاموا (على الأقل) بالحد الأدنى من واجبهم ومسؤوليتهم.

 

ونضع برسم السلطات اللبنانية والشعب اللبناني برمته، ولا سيما أهل الضحايا الأبرياء، ما أدلى به قداسة البابا في هذه الكارثة، جرياً على عادته ما دأب عليه أسلافه القدّيسون من حرصٍ أكيد على لبنان، بأطيافه كافةً، اذ قال، كما عممت إذاعة الفاتيكان: «اليوم أيضاً يعاني الشعب اللبناني كثيراً، وإنني أفكر بشكل خاص بعائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت. وإنني على رجاء في أن يتم التوصّل سريعاً الى العدالة والحقيقة».

 

وليت المسؤولين اللبنانيين في السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية يخجلون على دمهم ويتوقفون أمام قول قداسته «التوصل سريعاً الى العدالة والحقيقة».