طلب قاضيان في هيئة محكمة التمييز تنحيتهما عن النظر في طلب نقل دعوى تفجير المرفأ من المحقق العدلي القاضي فادي صوّان، المقدّم من النائبين (المدعى عليهما) علي حسن خليل وغازي زعيتر. استشعر عضوا المحكمة، القاضيان فرانسوا الياس ورولا مسلّم الحرج من متابعة النظر في هذا الملف ليُحال عرض تنحّيهما إلى القاضي روكس رزق الذي يرأس إحدى غرف محكمة التمييز، تمهيداً لبتّ الطلب لاستكمال النظر في الدعوى. وأمام رزق القبول أو الرفض، من دون تعيين مستشارين بدلاء. وفي العادة، يستند قرار القبول أو الرفض إلى النظر في الأسباب. إلا أنّه لدى تبرير القاضي طلب تنحيته بـ«استشعار الحرج»، فإنّ المحكمة تقبل تنحّيه. وبذلك يبقى في هيئة محكمة التمييز المنوط بها بتّ طلب نقل الدعوى، كل من الرئيس جمال الحجار ومستشاره القاضي فادي العريضي. وبالتالي، فإنّ ذلك سيُعطّل المحكمة ريثما يُصار إلى تعيين قاضٍ بديل، على اعتبار أنّ إصدار القرار يستلزم رئيساً ومستشارَين. وعلمت «الأخبار» أن تعيين القضاة البدلاء يتم عبر قرار منفرد من رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود الذي يُفترض به أن يعين مستشارين من الغرفة التي يرأسها القاضي جمال الحجّار أو من غرف أخرى. وهنا تبرز وجهتان، الأولى أن يقوم القاضي عبود باختيار مستشارين من غرفة محكمة التمييز التي يرأسها القاضي الحجار، وليس من خارجها، علماً بأن هناك مستشارين اثنين منتدبين إلى محكمة التمييز العسكرية هما طاني لطوف وصقر صقر كانا ليؤلفا إلى جانب الحجار الهيئة التي يمكن أن تنظر بطلب نقل الدعوى، إلا أنّ لطوف وصقر أعلى درجة من الحجار، ما يعني أنهما لن يقبلا بأن يكونا مستشارَين في هيئة يرأسها. أما الوجهة الثانية فتتمثّل في اختيار عبود قاضيين من خارج الغرفة التي يرأسها الحجار.
أما في ما يتعلّق بالأسباب التي تقف خلف تنحّي القاضيين المذكورين مسلم والياس، فعلمت «الأخبار» أنّ القاضية مسلّم تقدمت بعرض تنحيتها منذ أكثر من أسبوع، إلا أنّ ذلك لم يكن له كبير الأثر لوجود مستشارَين غيرها. أما القاضي الياس، فيتردد أنّ الأسباب التي دفعته إلى استشعار الحرج وطلب تنحيته، مرتبطة بكونه شقيق رئيس مجلس شورى الدولة القاضي فادي الياس الذي يُعدّ من القضاة المرشّحين لرئاسة مجلس القضاء الأعلى. ويتردد أنّ الياس لا يُريد معاداة السياسيين كي لا يخسر حظوظه لاحقاً.
القاضي الحجار، المقرّب من الحريري، لا يستطيع وحده اتخاذ القرار
تجدر الإشارة إلى أنّ ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت مُجمّد منذ وقف القاضي فادي صوّان إجراءاته بعد التقدم بطلب نقل الدعوى للارتياب المشروع، ثم طلب محكمة التمييز إيداعها الملف للاطلاع على الإجراءات التي اتخذها المحقق العدلي والتدقيق في قانونيتها.
منذ ما قبل هذا التجميد، اختلطَ حابل التقني بنابِل السياسي في الملف، بسبب ما رآه فريق المدعى عليهم تجاوزاً من صوان للدستور، ومناقضته لنفسه، وهو الذي طلب من مجلس النواب القيام بدوره، من دون أن يزوّده بمواد التحقيق، قبل أن يعود إلى الادعاء على النائبين (بصفتيهما وزيرين سابقين) وعلى رئيس الحكومة الحالي، إلى جانب الوزير السابق يوسف فنيانوس. واليوم، بعدَ أن صارت القضية عند «التمييز»، علمت «الأخبار» أن القوى السياسية تريد حلّ الملف إما عبرَ ما تسمّيه «تنحّي صوّان مع حفظ مكانته المعنوية»، وإما إعادة الملف الى مجلس النواب ليستكِمل المسار القانوني، علماً بأن مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء الذي ينبغي أن يحيل البرلمان الملف عليه، غير موجود ولم يقم يوماً بدوره. غيرَ أن تنحية صوان بحاجة إلى تصويت في محكمة التمييز. وبعد طلب عضوين فيها تنحيتهما عن النظر في طلب تنحية المحقق العدلي، بات الأمر مؤجلاً إلى حين بتّ طلبيهما. وبحسب مصادر سياسية، فإن «القاضي جمال الحجار رئيس الغرفة، والمقرّب من الرئيس سعد الحريري، لا يستطيع وحده اتخاذ القرار»، وبالتالي هذا يفتح باب لاحتمال إعادة الملف إلى القاضي صوان، وخاصة أن «بعض القوى السياسية رفضت التدخل لدى القضاة المحسوبين عليها في الغرفة، لأنها أولاً لا تريد أن تجعل من صوان بطلاً، كما أنها لا تريد أن تكون في مواجهة أهالي ضحايا المرفأ».